أن يشتم ويسبّ ويعصي بأنواع المعاصي ، ويكره أن يمدح ويطاع ، ويعذّب النّاس لم (لما) كانوا كما أراد ، ولا يكونون كما كره ، وهل الاولى أن نقول : إنّه تعالى لا يشبه الأشياء ولا يجوز عليه ما يجوز عليها؟ أو نقول ، إنّه يشبهها ، وهل الاولى أن نقول : إنّ الله يعلم ويقدر ويحيي ويدرك لذاته أو نقول : إنّه لا يدرك ولا يحيي ولا يقدر ولا يعلم إلّا بذوات (١) قديمة لولاها لم يكن قادرا ولا عالما ولا غير ذلك من الصّفات؟ وهل الاولى أن نقول : إنّه لمّا خلق الخلق أمرهم ونهاهم؟ أو نقول : إنّه لم يزل في القدم ولا يزال بعد إفنائهم طول الأبد ، يقول : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) لا يخلّ بذلك أصلا ، وهل الاولى أن نقول : إنّه تعالى تستحيل رؤيته والإحاطة بكنه ذاته؟ أو نقول : يرى بالعين إمّا في جهة من الجهات له أعضاء وصورة ، أو يرى (٢) بالعين لا في الجهة ، وهل الاولى أن نقول : إنّ أنبيائه وأئمته منزّهون عن كلّ قبيح وسخيف؟ أو نقول : إنّهم اقترفوا المعاصي المنفرة عنهم؟ وإنّه يقع منهم ما يدلّ على الخسّة والرّذالة (٣) كسرقة درهم وكذب فاحش ، ويداومون على ذلك مع أنّهم محلّ وحيه وحفظة (٤) شرعه ، وأنّ النّجاة تحصل بامتثال أوامرهم القوليّة والفعلية ، فإذا عرفت أنّه لا ينبغي أن يذكر لهذا السّائل عن دين الإسلام إلّا مذهب الاماميّة دون قول غيرهم ، عرفت عظم موقعهم في الإسلام ، وتعلم أيضا زيادة بصيرتهم ، لأنّه ليس في التّوحيد دليل ولا جواب عن شبهة إلّا ومن
__________________
(١) الا نسب تبديل كلمة الذوات بالمعاني.
(٢) إشارة الى اختلاف ابن تيمية من الحنابلة وبعض المشبهة.
(٣) فيه إشارة الى اختلاف روايات أهل السنة في ذلك.
(٤) الحفظة جمع حافظ.