أقول : قد مرّ مرارا أنّ الإرادة (١) بمعنى التّقدير لم يجيء في الاستعمال ولم يصطلح عليه سواه أحد من أصحابه ولا غيرهم ممّن يعتدّ به مع عدم جدواه ، وأما ما ذكره من أنّ الإرادة غير الرّضا «إلخ» فقد قلّد فيه صاحب المواقف حيث قال : الرّضا ترك الاعتراض ، والله يريد الكفر للكافر ويعترض عليه ويؤاخذه به ، ويؤيّده أنّ العبد لا يريد الآلام والأمراض وليس مأمورا بإرادتها ، وهو مأمور بترك الاعتراض عليها ، فالرّضا أعني ترك الاعتراض يغاير الإرادة «انتهى» وليس بمرضى ، أما أولا فلأنّا لا نسلم أنّ الرّضا (٢) بمعنى ترك الاعتراض ، بل هو إرادة صادقة لما قضى الله تعالى به لا يشوبه في ذلك تردّد ولا مزاحمة مراد آخر ، كما يشعر به كلام ابن قيم الحنبلي (٣) في شرح منازل السّائرين وغيره في غيره ،
__________________
(١) قال الفاضل المدقق النحرير نصير الدين الحلي «ره» في شرحه للطوالع : اعلم ان الإرادة عند الأشعري موافقة للعلم على معنى ان كل ما علم الله تعالى وقوعه فهو مراد الوقوع وكل ما علم الله تعالى عدمه فهو مراد العدم ، وعند المعتزلة الإرادة موافقة الأمر اى كل مأمور به مراد وكل منهى عنه مكروه.
(٢) قال شارح الفصول النصيرية هو الوقوف عند إرادة الحق بان لا يريد غيره وهو على درجات ثلث. إلخ.
(٣) هو شمس الدين محمد بن أبى بكر بن أيوب الدمشقي الحنبلي المشهور بابن قيم الجوزية من مشاهير علماء القوم وتلميذ ابن تيمية الخصيص به والتابع له في مقالاته المنكرة كالتجسم وجواز الرؤية وانكار شفاعة الأنبياء والرسل والمقربين واسناد الشرك الى اهل القبلة لذلك وتحريم زيارة القبور والتفصيل في ما لا نص فيه والتفصيل في الشبهات التحريمية من غير وجه فيهما الى غير ذلك من المناكير التي لأجلها كفر علماء الإسلام من الخاصة والعامة شيخه ابن تيمية كما اثبت ذلك استأذنا آية الله أبو محمد السيد حسن صدر الدين الكاظميني في رسالة مفردة ، توفى ابن القيم في سنة ٧٥١ وله