لرسول الله صلىاللهعليهوسلم الكرش (١) والعيبة ، حين كذّبه عتبة وشيبة (٢) ، فأثنى الله تعالى عليهم في مجيد كتابه (٣) ورضى عنهم وتاب عليهم ، وجعل مناط امور الدّين مرجوعة إليهم (٤) ، ثم وثب فرقة بعد القرون المتطاولة ، والدّول المتداولة ، يلعنونهم ويشتمونهم ويسبّونهم ، ولكلّ قبيح ينسبونهم ، فويل لهذه الفئة الباغية التي يسخطون العصبة الرضيّة ، يمرقون (٥) (٦) من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية ، شاهت الوجوه (٧) ، ونالت كلّ مكروه ، ثمّ إنّ زماننا قد أبدى من الغرائب ما لو
__________________
(١) الكرش ما يضعه البعير في جوفه ليمضغه مرة أخرى. والعيبة مخزن الثياب. والمراد بهما محل الذخيرة وموطن السر ، والغرض أنهم كانوا مختصين برسول الله (ص) وكانوا محل ذخائره ونصيحته. من الفضل. وستأتي عدة روايات بهذا المضمون وكلها وردت في حق الأنصار دون المهاجرين ، فالناصب من قلة تتبعه نسبها الى المهاجرين.
(٢) قد مر حال عتبة ، وشيبة هو شبية بن عثمان بن طلحة جد بنى شيبة.
(٣) من إضافة الصفة الى موصوفها.
(٤) إيماء الى الحديث الموضوع المفترى على النبي صلىاللهعليهوآله بشهادة بعض أعاظمهم : أصحابي النجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ، فراجع الى كتاب الموضوعات للسبكى وغيره.
(٥) مرق من الدين : خرج منه بضلالة او بدعة.
(٥ مکرر) إشارة الى عدة أحاديث قد عبر النبي فيها عن هذه الطائفة بالمروق وهي كثيرة متضافرة بأسانيد عديدة منها ما رواه ابو عبد الله الحاكم في المستدرك الجزء الثاني ص ١٤٦ بسنده المنتهى الى مسلم بن ابى بكرة عن أبيه رضى الله عنه قال قال رسول الله (ص) ان أقواما من أمتي رشدة ذلقة ألسنتهم بالقران لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية الى آخر الحديث. ونقل الذهبي في ذيله في تلخيص المستدرك في تلك الصفحة بسنده المنتهى الى ابى بكرة عن أبيه مرفوعا.
وروى الذهبي في تلخيص المستدرك عين هذا الخبر وأيده.
(٦) شاهت الوجوه : قبحت والعبارة مأخوذة من قوله (ص) في الغزوة شاهت الوجوه للحي القيوم.