على نفي الصّفات الزائدة من الوجوه فكلّها مجاب : الأوّل استدلاله بأن كلّ ما عداه ممكن وكل ممكن حادث ، فنقول : سلّمنا أنّ كلّ ما عداه ممكن ولكن نقول في المقدّمة الثّانية : إنّ كلّ ممكن ما عدا صفاته فهو حادث ، لأن صفاته لا هو ولا غيره ، كما سنبيّن بعد هذا الثاني الاستدلال بلزوم إثبات قديم غير الله تعالى وإثبات القدماء كفر وبه كفرت النّصارى ، الجواب : أنّ الكفر إثبات ذوات قديمة لا إثبات ذات وصفات قدماء هي ليست غير الذّات مباينة كلّية ، مثلا علم زيد ليس غير زيد بالكلّية ، فلو كان علم زيد قديما فرضا مثل زيد فأىّ نقص يعرض من هذا لزيد إذا كان متّصفا بالقدم ، لأنّ علمه ليس غيره بالكلّية ، بل هو من صفات كماله الثالث الاستدلال بلزوم افتقار الله في كونه عالما إلى إثبات معنى هو العلم ولولاه لم يكن عالما ، وكذا في باقي الصّفات ، والجواب إن أردتم باستكماله بالغير ثبوت صفة الكمال الزائدة على ذاته لذاته فهو جائز عندنا ، وليس فيه نقص وهو المتنازع فيه ، وإن أردتم به غيره فصوّروه أوّلا حتّى تفهموه (١) ثمّ بيّنوا لزومه لما ادعينا ، والحاصل : أنّ المحال هو استفادته صفة كمال من غيره لا اتّصافه لذاته بصفة كمال هي غيره ، واللازم من مذهبنا هو الثاني لا الأوّل الرابع الاستدلال بلزوم إثبات ما لا نهاية له من المعاني القائمة بذاته تعالى ، وذلك لأن العلم بالشيء مغاير للعلم بما عداه إلى ما ذكره إلى آخر الدّليل (٢) ، والجواب أنّ العلم صفة واحدة قائمة بذاته تعالى ويتعدّد بحسب التّعلّق بالمعلومات الغير المتناهية ، فله بحسب كلّ معلوم تعلّق ، فكما يتصوّر أن تكون المعلومات غير متناهية كذلك يجوز أن تكون تعلّقات العلم الذي هو صفة واحدة غير متناهية بحسب المعلومات ، وليس يلزم منه محال فلا يلزم التّسلسل المحال ، لفقدان شرط التّرتب والوجود ، الخامس الاستدلال بأنّه لو كان موصوفا بهذه الصّفات لزم كون الحقيقة
__________________
(١) الظاهر أن قوله : تفهموه نفهمه. من الفضل.
(٢) الظاهر : الى آخر ما ذكره من الدليل. من الفضل.