إنّه تعالى نفس الوجود ، فهذه مسألة دقيقة لا تصل حوم فهمها أذهان مثل هذا الرّجل وجملتها أنّهم يقولون : لا موجود إلا الله ويريدون به أنّ الوجود الحقيقي لله تعالى ، لأنّه من ذاته لا من غيره ، فهو الموجود في الحقيقة ، وكلّ ما كان موجودا غيره فوجوده من الله تعالى وهو في حدّ ذاته لا موجود ولا معدوم ، لأنّه ممكن وكلّ ممكن فإن نسبة الوجود والعدم إليه على السّواء ، فوجوده من الله تعالى ، فهو موجود بوجود ظلّي هو من ظلال الوجود الحقيقي ، فالموجود حقيقة هو الله تعالى ، وهذا عين التّوحيد وكمال التّفريد فمن نسبهم مع فهمه هذه العقيدة إلى الكفر فهو الكافر ، لأنّه كفّر مسلما بجهة إسلامه «انتهى»
أقول : قد ردّد النّاصب المردود بقوله : فإن أراد محقّقي الصّوفية كأبي يزيد البسطامي «إلخ» ولم يذكر عديله ، وهو أن يراد غير محقّقي الصّوفيّة ، وظاهر أنّ تشنيع المصنّف مخصوص بهم ، وهم الذين يعتقدهم المصنّف من صوفية الجمهور ، دون أبي يزيد والجنيد وأشباههم ، فإنهم من الشيعة الخالصة كما حققنا ذلك في كتاب مجالس المؤمنين ، قال سيد المتألهين حيدر بن علي العبيدلي الآملي (١) قدسسره في كتابه المسمى بجامع الأسرار ومنبع الأنوار : من شاهد الحقّ في مظاهره ، وشاهد نفسه معها بأنّه من جملتها حكم باتّحاده بالحق مع بقاء الاثنينيّة والغيريّة ، وصار اتّحاديّا ملعونا نجسا ، وهو مذهب للنّصارى وبعض الصّوفية لعنهم الله ، لكنّ الصّوفية الحقّة ما يقولون بالاتّحاد : وإن قالوا ما قالوا كذلك ، فانّهم يقولون : نحن إذا نفينا وجود الغير مطلقا لسنا إلا قائلين بوجود واحد ، فكيف
__________________
(١) هو السيد حيدر بن على الاملى العبيد لي الفقيه المحدث العارف الشيعي المحقق المتوفى في حدود (سنة ٨٠٠) له كتب منها كتاب الكشكول فيما جرى على آل الرسول (ص) حسن جدا ، وكتاب جامع الأسرار وغيرهما والعبيدلي نسبة الى عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن الامام سيد الساجدين «ع».