من الكون في الجهة (١) والحيز (٢) فهو باطل «انتهى»
أقول كانّ النّاصب يريد بقوله : هذا القول من الكراميّة أنّهم ليسوا من أهل السّنّة وهو مكذوب بما صرّح به الشّهرستاني في كتاب الملل والنّحل رغما للنّاصب ، ثمّ ما ذكره من أنّ الكراميّة من جملة من يقول : إنّه تعالى جسم لا يقتضي توجّه اعتراض المصنّف إليهم ، بل يقتضي أن يكون هناك جماعة أخرى قائلون : بأنّه تعالى حقيقة الجسم ، وقد صرّح بوجودهم ، وأنّهم مقاتل بن سليمان وغيره صاحب المواقف فليكن اعتراض المصنّف متوجّها إليهم ، وبهذا يظهر أنّ قول النّاصب : وكونه تعالى في جهة الفوق على وجه الجسميّة باطل بلا خلاف «خلف باطل ،» وأما ما ذكره من التّرديد «فمردود» بأنّ الكراميّة أرادوا ما يلزم الجسميّة رغما لأنفهم وأنف من (٣) يتصدّى لإصلاح كلامهم ، قال صاحب الملل والنّحل : نصّ أبو عبد الله محمّد بن كرام على أنّ لمعبوده على العرش استقرارا ، وعلى أنّه بجهة فوق ذاتا ، واطلق عليه اسم الجوهر ، وقال في كتابه المسمّى بعذاب القبر : إنّه أحديّ الذّات أحدي الجواهر ، وإنّه مماسّ للعرش من الصّفحة العليا ، ويجوز عليه الانتقال والتحوّل والنّزول ، ومنهم من قال : إنّه على بعض أجزاء العرش ، وقال بعضهم : امتلأ العرش به إلى غير ذلك من الخرافات التي نسج النّاصب على
__________________
(١) الجهة مثلثة الجيم جمعها الجهات مثلثة أيضا. الجانب والناحية.
(٢) الحيّز والحيز. المكان.
(٣) كالفضل بن روزبهان الناصب ومن يحذو حذوه ، ويقفو اثره ، من المتأخرين كالشيخ محمد زاهد الكوثرى ، والشيخ محمد بهجت البيطار الدمشقي ، والسيد محمود شكرى الآلوسى ، والقصيمى ، وجمال الدين القاسمى الدمشقي وغيرهم من اعلام القوم.