في هذا المقام أن نذكر حقيقة الرّؤية حتّى يبعد الاستبعاد عن الطبائع السّليمة ، فنقول : إذا نظرنا إلى الشّمس فرأيناها ، ثم غمضنا العين فعند التّغميض نعلم الشّمس علما جليّا ، وهذه الحالة مغايرة للحالة الاولى التي هي الرّؤية بالضّرورة ، وهذه الحالة المغايرة الزّائدة ليست هي تأثر الحاسّة فقط ، كما حقّق في موضعه ، بل هي حالة أخرى يخلقها الله تعالى في العبد شبيهة بالبصيرة في إدراك المعقولات ، وكما أنّ البصيرة في الإنسان تدرك الأشياء ومحلّها القلب ، كذلك البصر يدرك الأشياء ومحلّها الحدقة في الإنسان ، ويجوز عقلا أن تكون تلك الحالة تدرك الأشياء من غير شرط ومحلّ وإن كان يستحيل أن تدرك الأشياء إلا بالمقابلة وباقي الشّروط عادة ، فالتّجويز عقليّ والاستحالة عاديّة ، كما ذكرنا مرارا فأين الاستبعاد إذا تأمّله المنصف؟ ومآل هذا يرجع إلى كلام واحد قدّمناه «انتهى»
أقول : لا يخفى أنّ جميع ما ذكره من التّوجيه والتّعليل الذي سمّاه بالبرهان والدّليل تشكيك في البديهي ، كما ذكره المصنّف ، فلا يلتفت إليه كما في سائر البديهيّات على ما مرّ ثم انّ الدّليل الذي نسبه إلى شيخه الأشعري ، قد بلغ من الاختلال والفساد إلى غاية لا يليق أن يسمّى بالشّبهة ، وفيه سوى ما ذكر من النّقض مفاسد أخرى مذكورة في كتب الأصحاب وغيرهم ، حتّى أنّ فخر الدّين الرّازي أورد عليه في كتاب الأربعين عدّة من الأسؤلة واعترف بالعجز عن الجواب عنها وسيجيء كلامه بعينه عن قريب إن شاء الله تعالى ، وأقبح من ذلك التزامه لازم النّقض المذكور الذي لا يلتزمه إلا الأشعري الذي هو بمعزل عن الشّعور ، وما أشبه حال مدافعته مع الخصم الذي أوقعه في مضيق الإلزام بالالتزام بحال رجلين تضاربا وكان أحدهما أقوى في القدرة من الآخر فيطرحه ، فيدوس صدره حتّى ينقطع نفسه ، ثمّ لمّا سئل بالفارسيّة عن ذلك العاجز الذي لم يكن يعترف من غاية الجهل والعصبيّة بعجزه : ، چگونه بود ماجراى تو با فلان؟ ، قال في الجواب : او لگد