قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح زيارة عاشوراء

57/215
*

الرَّاوي «وَلَم يُمْكنهُ المَصِيرُ إِليهِ» فأجابَه بِقولِهِ : «إِذّا كَان كَذلِكَ بَرزَ إلى الصَّحْراءِ» ، فّهذّا الجَوابُ مِنْهُ مُخْتصّ بِهِ ، لَكن يَجبُ تَنزيلُ الجَواب على غَيرِ المُتَمَكِن الذي نَيّتهُ وَعَزمهُ وإِرادتهُ أَنَّهُ كَان مُتَمكِّناً لَصارَ إليهِ ، فَلا مانِعَ لهُ مِنَ المصيرِ إِلَّا عجزه وعَدِم تمَكُنِهِ وقُدرَتِه ، ومِثل هّذا العَاجِز المَحرُوم مِن الطَّاعَةِ لعجزِهِ بِحيث لو كَانَ قادِرَاً لأطَاع يجب التَّسويَة بينَهُ وبينَ القَادر المُطيع في الثَّواب ، حتَّى فيما لو فَرض بِإزاءِ مُقدِّماتِ الأفعَالِ كَما وردَ فِي أخْبارِ زائِرهِ عليه السلام أنَّهُ يُكتبُ لهُ بِكُلِّ خُطْوةٍ حَجَّةٌ (١) ، ولَا يجوزُ التَّرجِيح بَينَهُما فِيهِ.

بيَانُ ذَلِك ؛ أنَّ التفاوتَ بينهما بالقُدرةِ والعَجز يَرجعُ إِليهِ عليه السلام فتمكن القادِرُ مِن تَمكِينِهِ وإِقدَاره ، كما أنَّ عَجْزَ العَاجز مِن تَعْجِيزِهِ وَتَرك تَسْبيب الْاسبَاب لَهُ ، وإلَّا فَهُما مِن حَيث ذَواتهمَا وَمَاهِياتهمَا عَلى حَدٍّ سوَاءٍ لَا يَملِكان نَفْعَاً وَلَا ضَرَّاً وَلَا مَوتَاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورَاً ، فَكلّ فِعليّةٍ وَكَمالٍ ينَالُهُ المُمْكِنُ ، فَإِنَّمَا هُو مِن تِلقاءِ فَيضِ الوَاجِب تعالى ، وإلَّا فهو في نَفْسِهِ لَيْسٌ مَحْضٌ وَعَدَمٌ صِرْفٌ ، لا يخبر عنهُ بِالعجزِ فضلاً عنِ القُدرةِ ، فَتِهيئةُ الأَسبَاب وتَوجِيهها مِن مَراتبِ إعْظَائِهِ ، كَما أنَّ فَقدهَا مِن قبلِ مَنعِهِ ، لِأَنَّهُ وَليُّ الإِعْظاءِ وَالمَنع ، فَكُلٌّ يَرْجِعُ إِلَيهِ ، فَلَو فَرضنَا أنَّ عَبداً مُؤمِنَاً كَان مًسْتَعِدَّاً لِبعضِ الطَّاعَاتِ والقُرباتِ مُتهيَّئاً لهُ ، عازِماً عَليه ، مُتشوِّقاً إليه ، إِلّا أنَّه عاثَهُ عن ذلك عجزُهُ وَعدَمِ قُدرتِهِ وفقد أسبَابهِ ،

__________________

(١) راجع ما رواه الكليني في الكافي (٤ / ٥٨٠) ح ١ ، والصدوق في الفقيه (٢ / ٥٨٠) ح ٣١٦٩ ، والشيخ الطوسي في التهذيب الجزء السادس ص ٤٤ ح ٨ وص ٤٦ ح ١٦ وص ٥٠ ح ٣٠ ، وابن قولويه في كامل الزيارات ص ٢٧٣ ح ٢٤٢ والمفيد في المزار ص ٣٦ والمقنعة ص ٤٦٨ ، والسيد المرتضى في رسائله (١ / ٢٩١) وراجع أيضا الوسائل ج ١٤ ب ٤٥ والبحار ج ٩٨ ص ١٩ و ٨٥ و ٩٠ و ١٤٣ و ٦٩٧.