أمّا ما قد يتمسّك بذلك في مثل طهارة الحديد مع ورود الأخبار بالنجاسة (١) ، فذلك تأسيس للحكم ودفع لا رفع لحكم ثابت ، وبينهما فرق واضح ، مع أنّ الإجماع وأصل الطهارة الثابتة بالأخبار والأدلّة موجودان ، والخاصّ إنّما يعارض العامّ لو قاومه ، فالأخبار الواردة في الحديد لا تقاوم تلك الأدلّة التي أحدها نفي الحرج والعسر.
والحاصل ، أنّ التمسّك بالعسر والحرج حيث استقلّ بالدّلالة أيضا ، يوجب دوران الحكم مدار لزومهما ، سيّما والاضطرار الى الحرام غايته عدم العقاب على أكله مثلا ، ولا يوجب ذلك دفع جميع آثاره ، فإذا اضطرّ الى سرقة مال الغير لدفع الجوع المهلك ، فعدم العقاب على أكل لا يستلزم عدم اشتغال الذمّة بعوضه ، سيّما إذا كان قادرا عليه.
وأمّا الفرق بأنّ ارتكاب جميع المحتملات ممكن ومتحقّق عادة في المحصور فيحصل اليقين باستعمال الحرام والنجس دون غيره.
ففيه : أنّ امكان ارتكاب الجميع لا يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عن الجميع ، ولا يوجب حصول اليقين باستعمال الحرام لمن لم يستعملها جميعا. وما ذكره من حكم واجدي المنيّ في الثوب المشترك ، يجري في الثوب المحصور إذا ارتكب كلّ من المكلّفين بعض أفراده.
وأمّا أنّ الشّبهة المحصورة ليست بداخلة فيما لا يعلم ... الخ.
__________________
(١) وقد نقل جماعة من علمائنا إجماع الإمامية على العمل بمضمون عدد من الأخبار التي تفيد طهارته وما يمكن ان يستفاد من مثل حديث واحد على النجاسة غير مستقيم وهو شاذ مخالف لما عليه كثير الأدلّة والتي منها بعض الأخبار ، يمكن مراجعتها في «الوسائل» ج ٣ ص ٥٣٠ باب ٨٣ ، طهارة الحديد.