على رفع الحكم ، فإن كان يقينيّا واقعيّا فهو ليس غير يقين يرفع اليقين ، وهو مقتضى مدلول تلك الأخبار ، وكذلك إن كان ظنيّا واجب العمل.
ولا ريب أنّ عدم اليقين بالخلاف شرط في العمل باليقين السّابق ، وهذا أيضا يرجع الى اشتراط العمل بأحد الدّليلين بعدم ما يوجب بطلانه من يقين على خلافه أو ظنّ أقوى منه ، ولا اختصاص له بالاستصحاب.
وإن شئت توجيه الكلام (١) على نحو ما ذكرنا ، فقل : المراد أنّ الظّن الاستمراريّ لا يقاوم الظّن الإطلاقيّ على الوجه الأوّل (٢) ، وعدم جواز نقض اليقين الثّابت بعموم الأخبار ، لا يقاوم ما يدلّ على نقض ذلك اليقين بالخصوص ، فضعف الاستصحاب إمّا من جهة كونه انسحابا للحكم لا حكما مستقلّا ، وإمّا من جهة أنّه عامّ لثبوته من عموم الأخبار الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا بيقين ، لا يقاوم ما دلّ على نفي مورده بالخصوص ، وذلك لا ينافي جواز العمل به في موارد الدّليل النافي للحكم بالخصوص من جهة المرجّحات الخارجية كما أشرنا.
وممّا ذكرنا ، يظهر حال اشتراط عدم معارضة الاستصحاب الآخر.
ثمّ إن [إنّ] تعارض الاستصحابين قد يكون في موضوع واحد ، كما في الجلد المطروح (٣) ، فإنّ استصحاب عدم التذكية يقتضي كونه ميتة المستلزم للنجاسة.
وقد يقرّر بأنّ الموت حتف الأنف والموت بالتذكية كلاهما حادثان في مرتبة واحدة ، وأصالة عدم المذبوحيّة الى زمان الموت يقتضي النّجاسة لاستلزامه
__________________
(١) وهو كلام بعض المتأخّرين.
(٢) وهو بناء على حجيّة الاستصحاب لأجل الظنّ الحاصل من الوجود الأوّل.
(٣) وقد ذكر هذه المسألة في «الوافية» ص ٢٠٩