به الذكور وأكثره ينصب في معرفة أمور الخياطة والكيّ والتطريز وما شابه تلك الأشياء التي تعد ضرورية أكثر مما سواها للإناث في هذه البلاد ، إذ لا يسمح لهن أن يعشن على عملهن في الخارج كما هو الحال عندنا في أوروبا.
ولقد وجدت هذه الهيئة الخيرية وأمثالها في هذه البلاد تشكو قلة مواردها المالية وأن أبنيتها غير لائقة بها. وفي فصلي الربيع والصيف عندما يلطف الجو يتلقى قسم من الأطفال دروسهم في فناء تلك المدارس على أيدي معلميهم ، أما في فصل الشتاء الذي يكثر فيه هطول الأمطار فيتعذر قيام تدريسهم في الأفنية المكشوفة لذلك تضطر إدارة المدرسة ـ لضيق البناية ـ إلى الاعتذار وعدم تدريس قسم من الطلبة الداخليين وإرسالهم إلى منازلهم.
ولكم يؤسف حقا أن تصرف مبالغ كبيرة إلى أمور هي موضع شك وتردد في نتائجها المنتظرة ، في حين أن هذه المؤسسات الخيرية تشكو العوز وقلة المال مما يؤدي إلى عدم أداء رسالتها السامية على الوجه الأكمل!!
ولقد أبدى الرهبان والراهبات عجبهن وإعجابهن بذكاء ونبوغ أطفال هذه البلاد ، ولكنهن أبدين أسفهن البالغ لعدم استطاعتهن تخليصهم من آثار تربيتهم البيتية الأولى السيئة ..
وتقوم الراهبات في هذا الشأن بوظائف صعبة ومهمة جدّا .. إذ يجب عليهن أن يتحملن بصبر بالغ أخلاق وسيرة جرذان النخل الخشنة هذه ، وأعني البنات البغداديات اللاتي لا يستطيع فوج بكامله من الجيش أن يخضعهن لأوامره. وتقوم هذه البنات الصغيرات بألعاب عجيبة غريبة ويقمن بتمثيل أدوار الحياة حلوها ومرّها فيما بينهن ، ويجدن بذلك لذة أي لذة. ولقد حدثتني إحدى الأخوات الراهبات انه في الأسبوع الماضي عندما كانت إحدى زميلاتها تقوم بدور الحارسة على الطالبات الصغيرات اللاتي لا يتجاوز كبراهن السابعة من عمرها رأت في ساعة الاستراحة عند عودتها من حجرة الاستقبال ما أدهشها وأخذ بعجبها ، وذلك أنها شاهدت الطالبات جميعا قد اجتمعن حول طفلة صغيرة منهن نصف عارية تئن وتتوجع وتصرخ كالطاووس وزميلاتها من حولها في غاية الشفقة والحرارة يمثلون دور التمريض ومساعدتها!!