النقلية!! كما أرى قسما منها على وشك الانتهاء ، تعالت رؤوسها إلى أعلى وفوق سطحها يذيب العمال القار بواسطة النار ويطلون به جذوع النخل التي صنعت منها السفينة كما نفعل نحن تماما في تبليط شوارع باريس! .. وتستخدم هذه السفن عادة في السفرات الطويلة بين بغداد والبصرة وموضعها تحت الجسر القائم قرب ضفة النهر. أمّا على الجانب الآخر من الجسر فتوجد وسائل للنقل أخرى تسمى «الكلك» وهذه تستخدم في العادة في أعلى النهر لأنها لا تسير إلّا مع مجرى الماء وبمعاونته.
ويصنع «الكلك» هذا من جمع عدد من القرب بعد نفخ الهواء فيها وربط كل منها بالآخر بحبال. وتوضع فوقها ألواح من الخشب وتغطى هذه بطبقة من الأشواك لكي تحفظ البضائع التي توضع فوقها من البلل!
ويقف على جوانب «الكلك» هذا عماله وبأيديهم قطع طويلة من الأخشاب يجذفون بها الماء ليسير بيسر وسهولة مع مجرى النهر نحو بغداد. ومن الممكن أن يحدث ما يمزق بعض هذه القرب في الطريق ولكن مهارة القائمين عليه وشدّة مراسهم يحول دون توقف «الكلك» عن السير أو الغرق!
وما إن يصل هؤلاء (بكلكهم) إلى بغداد ، حتى يبيعوا تلك الأخشاب والأشواك ولا يبقون شيئا سوى القرب فإنهم يفرغونها من الهواء ويحملونها معهم على دواب يستأجرونها إلى بلدهم ليعيدوا الكرة منها إلى بغداد!
أسعار الكلك تتناسب عادة مع عدد القرب التي تستخدم فيه ، يتفق بعض الأحيان أن تستخدم أكثر من ثمانين قربة وفي هذه الحالة يحمل الكلك المسافرين فضلا عن البضائع ولكن بعد أن يرفع عليه قطعة ثخينة من المشمع ليقيهم من عوارض الجو ومن القيظ والقر!!
أما في الحالات التي لا يحمل فيها الكلك شيئا سوى البضائع التجارية كالخراف والدجاج والطيور والفواكه وقوالب الجبن الكبيرة والبرغل التي يطبخ منها أكلة لذيذة ، فلا يستخدم فيه إلّا خمسون قربة كما أنه لا يحتاج إلى قطعة المشمّع!!