ويخيل إلي أن هذه
العشائر متشعبة عن قبيلة بني لام التي عرفت بتربية الجياد العربية الأصيلة
وتصديرها إلى الخارج أو عشيرة ألبو محمد التي تقطن في جنوب العمارة ، والتي عرفت
بتربية الجواميس أو شمر التي تضرب مضاربها قرب بغداد ويعدون من أشد أعداء الدولة
العثمانية الأشداء .. وهذه القبائل معروفة بالشجاعة والبأس وبأنها تعيش على الغارة
والسرقة مما يجاورها وأنها لا تجد غضاضة أو مسبة في ذلك بل على العكس قد تحسبه من
المفاخر التي تعتد بها ..
يدور لغط في غرفة
القيادة الآن ، ذلك لأن سائق السفينة لم يستطع في المرة الثانية التي ارتطمت فيها
بالأوحال أن يخرجها دون أن يلحق بالسفينة عطبا حال الآن دون متابعة السير! وفي هذه
الفترة التي توقفنا بها شهدنا فصلا ممتعا وقع بين القبطانين القديم والجديد : وأخذ
الكابتن دمينيس الشجاع في توضيح الأخطاء التي وقع بها غريمه والأخطار التي تهددنا
الآن كالغرق ، ما لم نتدبر الأمر ، وقال إنه لو كان هو قائد السفينة لاستطاع ـ على
عطبها ـ لا أن يسيرها بسلام في نهر متلاطم الأمواج بل ليقطع بحر باتاكني على خطورته وثورته دون أن يضطرنا إلى الوقوف ، ثم ظل يتكلم
حتى كاد سائق السفينة يخرج من طوره ويقع بينهما ما لا يحمد عقباه .. ولكن الله سلم
كما أننا لم يطل وقوفنا كثيرا ولم يقع لسفينتنا أو لنا أي مكروه فتابعنا السير
عودا لا نلوي على شيء!!
١٢ ـ ديسمبر :
على رغم المشادة
التي وقعت بين صديقنا الكابتن دمينيسي وقائد السفينة فقد أبدى الأخير لطفا وتوددا
إلينا ونزل على رغبتنا في التوقف عند طيسفون (المدائن سلمان پاك) لمشاهدة خرائبها.
ولقد قطعت السفينة مدة أربع ساعات للوصول إلى شبه الجزيرة التي كانت عاصمة كسرى
برويز في حين
__________________