النهرين فحسب ، بل حتى لدى الذين هم في الأصقاع البعيدة عن العراق فيأتون لزيارتها زرافات ووحدانا في مواسم معينة خاصة من السنة.
وتدلنا كثرة الأبنية اليهودية المنشأة في العراق كمقبرة يوشع وعزرا وحرية بنائها على ما تتمتع به هذه الطائفة من القدرة وعلى كثرة عددهم (؟)! في هذه البلاد! (١) ولا أدري أهؤلاء اليهود هم من أعقاب البابليين الذين هاجروا إلى هذه البلاد في سنة (١٠٣٠) بعد الميلاد أم هم الذين هاجروا إليها في زمن الخلفاء (؟) لكي ينجوا من حقد وعداء الأمم الأوروبية ويكونوا في مأمن من سطوتهم وعذابهم.
وعلى أي حال فاليهود في هذه المدينة يتمتعون بقوة ، وتكاد شؤونها التجارية والاقتصادية تنحصر في أفرادهم لذلك تكوّنت هذه الطائفة الثرية المتمولة في البلاد.
يختلف حي اليهود عن الأحياء الإسلامية بشكل واضح بيّن في الوهلة الأولى. فلمنازل الإسرائيليين شبابيك ومشارف ذوات سياج حديدي تطل على الأزقة ، وتستطيع النسوة اليهوديات مشاهدة المارين خلالها ، دون أن يستطيع هؤلاء مشاهدتهن.
والمرأة اليهودية على العموم منزوية في البيت قلما تخرج إلى الخارج وهي لا تتبرج كثيرا ، وتنحو نحو البساطة في أمور التواليت ولكنهن في المناسبات الخاصة يزين أيديهن
__________________
(١) فات الرحالة هنا أن اليهود لم يكونوا يتمتّعون بقدرة أو سطوة ، بل كانوا يتمتّعون باحترام أهالي البلاد كما كان شأنهم مع بقية أفراد الطوائف الأخرى. «المترجم»