وقد صرّح بأنّه لم يؤلف كتابه على طريقة المتكلمين ، وإنّما ألّفه على طريقة صنّاع الكلام من الشعراء والكتاب.
والمتصفح لكتاب الصناعتين يرى أنّ المؤلف قد ألّم فيه تقريبا بكل مباحث علوم البلاغة الثلاثة : المعاني والبيان والبديع ، ولكن مباحث كل علم لا تأتي في موضع معين من الكتاب ، وإنّما تأتي في ثناياه وتضاعيفه على حسب مقتضيات المنهاج الذي رسمه أبو هلال لنفسه في تأليفه.
ولما كنا نعرض هنا بإيجاز لتاريخ البيان وتطوره حتى صار علما قائما بذاته ، فإنّ ما يعنينا من كتاب الصناعتين هو معرفة ما ورد فيه من موضوعات علم البيان وطريقة المؤلف في معالجتها ، وهذه الموضوعات هي التشبيه ، والاستعارة ، والكناية.
وقد عقد أبو هلال للتشبيه في كتابه بابا (١) من فصلين ، تحدّث في أولهما عن حد التشبيه ، ووجوه التشبيه المختلفة ، وأدوات التشبيه ، والطريقة المسلوكة في التشبيه ، وإخراج ما لا يعرف بالبديهة إلى ما يعرف بها ، وإخراج ما لا قوّة له إلى ما له قوة ، وتشبيه ما يرى بالعيان بما ينال بالفكر ، وغريب التشبيه وبديعه ومليحه ، وشرف التشبيه وموقعه من البلاغة.
وفي الفصل الثاني تحدّث عن قبح التشبيه وعيوبه ، مثل خطأ التشبيه ، والتشبيه الكريه ، والتشبيه الرديء اللفظ ، وبعيد التشبيه ، والتشبيه المتنافر.
أمّا الاستعارة فعقد لها فصلا (٢) تكلّم فيه عن : الاستعارة والمجاز ،
__________________
(١) كتاب الصناعتين : ص : ٢٣٨ ـ ٢٥٩.
(٢) كتاب الصناعتين : ص ٢٦٨ ـ ٢٨٨.