أيا غائبا
حاضرا في الفؤاد
|
|
سلام على
الحاضر الغائب
|
ثم يخلص عبد
القاهر من كل ذلك إلى القول بأن الشاعر الصنّاع يبلغ بتصرفه في التشبيه إلى غايات
الابتداع ، فيقول : «وكفى دليلا على تصرفه باليد الصناع وإيفائه على غايات
الابتداع أن يريك العدم وجودا والوجود عدما ، والميت حيّا والحيّ ميتا ، أعني
جعلهم الرجل إذا بقي له ذكر جميل وثناء حسن بعد موته كأنه لم يمت ، وجعل الذكر
حياة له ، كما قال : «ذكرة الفتى عمره الثاني» ، وحكمهم على الخامل الساقط القدر
الجاهل الدنيء بالموت ... ولطيفة أخرى له وهي : جعل الموت نفسه حياة مستأنفة حتى
يقال إنه بالموت استكمل الحياة في قولهم : «فلان عاش حين مات» يراد الرجل تحمله
النفس الأبيّة والأنفة من العار أن يسخو بنفسه في الجود والبأس وقتال الأعداء ،
حتى يكون له يوم لا يزال يذكر ، وحديث يعاد على مرّ الدهور ويشهر ، كما قال ابن
نباتة :
بأبي وأمي كل
ذي
|
|
نفس تعاف
الضيم مرة
|
يرضى بأن
يردّ الردى
|
|
فيميتها
ويعيش ذكره»
|
* * *
عيوب التشبيه
لعلّ التشبيه
من بين الأساليب البيانية أكثرها دلالة على قدرة البليغ وأصالته في فن القول. وذلك
لأن التشبيه هو في الواقع ضرب من التصوير
__________________