(٥٦) لقد رأيت عجبا مذ أمسا |
|
عجائزا مثل السّعالي خمسا |
وهذا قليل ، وأمّاذه اسم رجل فانك تقول هذا أذه قد جاء والهاء بدل من الياء في قولك ذي أمة الله كما أنّ ميم فم بدل من الواو ، والياء التي في قولك ذهي أمة الله انما هي ياء ليست من الحروف وانما هي لبيان الهاء فاذا صارت اسما لم تحتج الى ذلك لمّا لزمتها الحركة والتنوين والدليل على ذلك أنك اذا سكتّ لم تذكر الياء ، وذلك لأن الذي يقول ذهي أمة الله يقول اذا سكت ذه ، وسمعنا العرب الفصحاء يقولون ذه أمة الله فيسكّنون الهاء في الوصل كما يقولون يهيرّ في الوصل.
[باب الظروف المبهمة غير المتكّنة]
وذلك لأنها لا تضاف ولا تصرّف تصرّف غيرها ولا تكون نكرة ، وذاك أين وكيف ومتى وحيث وإذ وإذا وقبل وبعد ، فهذه الحروف وأشباهها لمّا كانت مبهمة غير متمكنّة شبّهت بالأصوات وبما ليس باسم ولا ظرف فاذا التقى في شيء منها حرفان ساكنان حرّكوا الآخر منهما ، وإن كان الحرف الذي قبل الآخر متحرّكا أسكنوه كما قالوا هل وبل وأجل ونعم ، وقالوا جير فحرّكوه لئلا يسكن حرفان فأمّا ما كان غاية نحو قبل وبعد وحيث فانهم يحرّكونه بالضمّة ، وقد قال بعضهم حيث شبّهوه بأين ، ويدلّك على أن قبل وبعد غير متمكّنين أنه لا يكون فيهما مفردين ما يكون فيهما مضافين لا تقول قبل وأنت تريد أن تبني عليها كلاما ولا تقول هذا قبل كما تقول هذا قبل العتمة فلمّا كانت لا تمكّن وكانت تقع على كلّ حين
__________________
(٥٦) الشاهد فيه اعراب أمس ومنعها من الانصراف لانها اسم لليوم الماضي قبل يومك معدول عن الالف واللام ونظير جرها بعد مذ هاهنا رفعها في موضع الرفع اذا قالوا ذهب أمس بما فيه ، وما رأيته مذ أمس وهي لغة لبعض بني تميم فلما رفعت بعد مذلأن مذ يرتفع ما بعدها اذا كان منقطعا ماضيا جاز للشاعر أن يخفضه بعده على لغة من جربها فيما مضى وانقطع لأن مذ هذه الخافضة لأمس هي الرافعة له في لغة من يرفع ، وقد بينت هذا وكشفت حقيقته في كتاب النكت وقوله عجائزا بدل من العجب وبعد البيتين :
يأكلن ما في رحلهن همسا |
|
لا ترك الله لهن ضرسا |