كانت فعلى من غزوت على الأصل ، فانما أرادوا أن تحوّل اذا كانت ثانية من علة فكان ذلك تعويضا للواو من كثرة دخول الياء عليها.
[باب ما تقلب الواو فيه ياء اذا كانت متحركة]
«والياء قبلها ساكنة أو كانت ساكنة والياء بعدها متحركة»
وذلك لأن الواو والياء بمنزلة التي تدانت مخارجها لكثرة استعمالهم اياهما وممرّهما على ألسنتهم فلما كانت الواو ليس بينها وبين الياء حاجز بعد الياء ولا قبلها كان العمل من وجه واحد ورفع اللسان من موضع واحد أخف عليهم وكانت الياء الغالبة في القلب لا الواو لأنها أخف عليهم لشبهها بالألف ، وذلك قولك في فيعل سيّد وصيّب وانما أصلهما سيود وصيوب وكان الخليل يقول سيّد فيعل وان لم يكن فيعل في غير المعتل لأنهم قد يخصون المعتل بالبناء لا يخصون به غيره من غير المعتل ألا تراهم قالوا كينونة والقيدود لأنه الطويل في غير السماء وانما هو من قاد يقود ، ألا ترى أنك تقول جمل منقاد وأقود فأصلهما فيعلولة وليس في غير المعتل فيعلول مصدرا ، وقالوا قضاة فجاؤا به على فعلة في الجمع ولا يكون في غير المعتل للجمع ولو أرادوا فيعل لتركوه مفتوحا كما قالوا تيّحان وهيبان ، وقد قال غيره هو فيعل لأنه ليس في غير المعتل فيعل وقالوا غيّرت الحركة لأن الحركة قد تقلب اذا غير الاسم ، ألا تراهم قالوا بصرىّ وقالوا أموىّ وقالوا أخت وأصله الفتح وقالوا دهرىّ فكذلك غيروا حركة فيعل ، وقول الخليل أعجب الىّ لأنه قد جاء في المعتل بناء لم يجىء في غيره ولأنهم قالوا هيّبان وتيّحان فلم يكسروا ، وقد قال بعض العرب :
(٣٠٨) ـ * ما بال عينى كالشّعيب العيّن*
__________________
(٣٠٨) الشاهد فيه بناء العين على فيعل بالفتح وهو شاذ في المعتل لم يسمع الا في هذه الكلمة وكان قياسها أن تكسر العين فيقال عين كما قيل سيد وهين ولين ونحو ذلك ، وهو بناء يختص به المعتل ولا يكون في الصحيح كما يختص الصحيح بفيعل مفتوحين العين نحو صيرف وحيدر وهو كثير ، والشعيب القربة ، والعين الخلق البالية شبه عينه لسيلان دمعها بالقربة الخلق في سيلان مائها من بين خرزها لبلاها وقدمها.