فأبدلوا مكان الحرف الذي هو للعرب عربيّا غيره وغيّروا الحركة وأبدلوا مكان الزيادة ولا يبلغون به بناء كلامهم لأنه أعجميّ الأصل فلا تبلغ قوّته عندهم الى أن يبلغ بناءهم ، وانّما دعاهم الى ذلك أنّ الأعجميّة يغيّرها دخولها العربيّة بابدال حروفها فحملهم هذا التغيير على أن أبدلوا وغيّروا الحركة كما يغيّرون في الاضافة اذا قالوا هنىّ نحو زبانىّ وثقفىّ وربّما حذفوا كما يحذفون في الاضافة ويزيدون كما يزيدون فيما يبلغون به البناء وما لا يبلغون به بناءهم وذلك نحو آجرّ وإبريسم واسمعيل وسراويل وفيروز والقهرمان ، وقد فعلوا ذا بما ألحق ببنائهم وما لم يلحق من التغيير والابدال والزيادة والحذف لما يلزمه من التغيير ، وربّما تركوا الاسم على حاله اذا كانت حروفه من حروفهم كان على بنائهم أو لم يكن نحو خراسان وخرّم والكركم ، وربما غيّروا الحرف الذي ليس من حروفهم ولم يغيّروه عن بنائه في الفارسيّة نحو فرند وبقّم وآجرّ وجربز.
[باب اطّراد الابدال في الفارسيّة]
يبدلون من الحرف الذي بين الكاف والجيم الجيم لقربها منها ولم يكن من ابدالها بدّ لأنها ليست من حروفهم وذلك نحو الجربز والآجرّ والجورب وربّما أبدلوا القاف لأنها قريبة أيضا قال بعضهم قربز وقالوا كربق وقربق ، ويبدلون مكان آخر الحرف الذي لا يثبت في كلامهم اذا وصلوا الجيم وذلك نحو كوسه وموزه لانّ هذه الحروف تبدل وتحذف في كلام الفرس همزة مرّة وياء مرة أخرى فلمّا كان هذا الآخر لا يشبه أواخر كلامهم صار بمنزلة حرف ليس من حروفهم وأبدلوا الجيم لانّ الجيم قريبة من الياء وهي من حروف البدل والهاء قد تشبه الياء ولانّ الياء أيضا قد تقع آخرة فلما كان كذلك أبدلوها منها كما أبدلوها من الكاف وجعلوا الجيم أولى لانّها قد ابدلت من الحرف الأعجمىّ الذي بين الكاف والجيم فكانوا عليها أمضى ، وربّما ادخلت القاف عليها كما ادخلت عليها في الاوّل فأشرك بينهما ، وقال بعضهم كوسق وقالوا كربق وقالوا قربق وقال الراجز :
يا ابن رقيع هل لها من مغبق |
|
ما شربت بعد طوىّ القربق |
* من قطرة غير النّجاء الادفق* |