وقاف والقرآن فمن قال هذا فكأنه جعله اسما أعجميا ثم قال أذكر ياسين ، وأمّا صاد فلا تحتاج الى أن تجعله اسما أعجميّا لأن هذا البناء والوزن من كلامهم ولكنه يجوز أن يكون اسما للسورة فلا تصرفه ، ويجوز أيضا أن يكون ياسين وصاد اسمين غير متمكّنين فيلزمان الفتح ، كما ألزمت الأسماء غير المتمكّنة الحركات نحو كيف وأين وحيث وأمس ، وأما طسم فان جعلته اسما لم يكن بدّ من أن تحرّك النون وتصير ميما كأنك وصلتها الى طاسين فجعلتها اسما بمنزلة دراب جرد وبعل بكّ وإن شئت حكيت وتركت السواكن على حالها ، وأمّا (كهيعص والمر) فلا يكنّ الّا حكاية ، وان جعلتها بمنزلة طاسين لم يجز لأنهم لم يجعلوا طاسين ، كحضر موت ولكنهم جعلوها بمنزلة هابيل وقابيل وهاروت ، وان قلت أجعلها بمنزلة طاسين ميم لم يجز لأنك وصلت ميما الى طاسين ولا يجوز أن تصل خمسة أحرف الى خمسة أحرف فتجعلهن اسما واحدا ، وان قلت أجعل الكاف والهاء اسما ثم أجعل الياء والعين اسما فاذا صارا اسمين ضممت أحدهما الى الآخر فجعلتهما كاسم واحد لم يجز ذلك لانه لم يجيء مثل حضرموت في كلام العرب موصولا بمثله وهو أبعد لأنك تريد أن تصله بالصاد ، فان قلت أدعه على حاله وأجعله بمنزلة إسمعيل لم يجز لان اسمعيل قد جاء عدّة حروفه على عدّة حروف أكثر العربيّة نحو إشهيباب ، وكهيعص ليس على عدّة حروفه شيء ولا يجوز فيه الّا الحكاية وأمّا نون فيجوز صرفها في قول من صرف هندا لأن النون تكون انثى فترفع وتنصب ، ومما يدلّ على أنّ حاميم ليس من كلام العرب أن العرب لا تدري ما معنى حاميم وإن قلت إنّ لفظ حروفه لا يشبه لفظ حروف الأعجميّ فانه قد يجيء الاسم هكذا وهو أعجميّ قالوا قابوس ونحوه.
[باب تسمية الحروف والكلم التي تستعمل وليست ظروفا ولا أسماء غير ظروف ولا أفعالا]
فالعرب تختلف فيها يؤنّثها بعض ويذكّرها بعض ، كما أن اللّسان يذكّر ويؤنّث زعم ذلك يونس ، وأنشدنا قول الراجز : [رجز]
(٣٤) * كافا وميمين وسينا طاسما*
__________________
(٣٤) الشاهد في تذكير طاسم وهو نعت للسين لانه أراد الحرف ولو أمكنه التأنيث على معنى الكلمة لجاز * شبه آثار الديار بحروف الكتاب على ما جرت به عادتهم من تشبيه الرسوم بالكتاب ، والطاسم الدارس وكذلك الطامس ، ويروى وسينا طامسا.