طاب نابها على نحو قولك للمرأة انما أنت بطين ومثلها أنت عينهم فصار اسما غالبا وزعم أن الحرف بتلك المنزلة كأنه مصدر مذكّر كالعدل والعدل مذكّر ، وقد يقال جاءت العدل المسلمة وكانّ الحرف صفة ولكنها أجريت مجرى الاسم كما أجرى الأبطح والأبرق والأجدل ، واذا رخّمت الحائض فهو كالضامر لأنه انما وقع وصفا لشيء والشّيء مذكّر وقد بيّنّا هذا فيما قبل ، قلت فما بال المرأة اذا سمّيت بحجر قلت حجيرة ، قال لأن حجرا قد صارا سمالها علما وصار خالصا وليس بصفة ولا اسما شاركت فيه مذكّرا على معنى واحد ولم ترد أن تحقّر الحجر ، كما أنك أردت أن تحقّر المذكّر حين قلت عديل وقريش ، وانما هذا كقولك للمرأة ما أنت إلّا رجيل وللرجل ما أنت إلّا مريّة فانما حقّرت الرجل والمرأة ، ولو سمّيت امرأة بفرس لقلت فريسة كما قلت حجيرة فاذا حقّرت الناب والعدل وأشباههما فانك تحقّر ذلك الشىء ، والمعنى يدلّ على ذلك واذا سمّيت رجلا بعين أو أذن فتحقيره بغير هاء وتدع الهاء هيهنا كما أدخلتها في حجر اسم امرأة ويونس يدخل الهاء ويحتجّ بأذينة ، وانما سمّي بمحقّر.
[باب ما يحقّر على غير بناء مكبّره الذي يستعمل في الكلام]
فمن ذلك قول العرب في مغرب الشمس مغيربان الشمس ، وفي العشيّ آتيك عشيّانا ، وسمعنا من العرب من يقول في عشيّة عشيشية فكأنهم حقّروا مغربان وعشيان وعشّاة ، وسألت الخليل عن قولك آتيك أصيلالا ، فقال انما هو أصيلان أبدلوا اللام منها ، وتصديق ذلك قول العرب آتيك أصيلانا وسألته عن قول بعض العرب آتيك عشيّانات ومغيربانات فقال جعل ذلك الحين أجزاء لأنه حين كلّما تصوّبت فيه الشمس ذهب منه جزء فقالوا عشيّانات كأنهم سمّوا كلّ جزء منه عشيّة ومثل ذلك قولك المفارق في مفرق جعلوا المفرق مواضع ثم قالوا المفارق كأنهم سمّوا كلّ موضع مفرقا ، قال الشاعر (وهو جرير) : [كامل]
(١٢٨) ـ قال العواذل ما لجهلك بعد ما |
|
شاب المفارق واكتسين قتيرا |
__________________
(١٢٨) الشاهد في جمع مفرق الرأس على مفارق ووجه ذلك أن يجعل كل جزء منه مفرقا ـ