بدل من محلّ «لا» مع اسمها (١) لا على اللفظ ، لأنّ «لا» الجنسية لا تعمل في معرفة ولا في موجب و «خالد» في المثال الثاني بدل على المحل من أحد ، لأن «من» لا تزاد في الإيجاب في المثال الثاني.
(ج) الاستثناء المفرّغ : وهو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه ، وحينئذ يكون المستثنى على حسب ما يقتضيه العامل الذي قبله في التركيب ، كما لو كانت «إلّا» غير موجودة ، نحو «لا يقع في السوء إلّا فاعله» «لا أتّبع إلّا الحقّ» و (لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)(٢) وشرطه كون الكلام منفيا كما مثّل ، أو واقعا بعد نهي نحو (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ)(٣) أو الاستفهام الإنكاري نحو (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٤)
حكم «إلّا» إذا تكررت :
إذا تكرّرت «إلّا» فهي على قسمين.
إمّا مؤكّدة ، وإمّا مؤسّسة (٥).
فالأولى حكمها الإلغاء عن العمل.
وذلك إذا كان ما بعد «إلّا» الثانية تابعا لما بعد «إلّا» قبلها وتعرب : بدلا ، أو عطف بيان. أو نسق نحو «جاء الغرباء إلّا محمّدا إلّا أبا عبد الله» ف «أبا عبد الله» بدل كل من محمد و «إلّا» الثانية زائدة لمجرّد التأكيد ، ونحو «حضر القوم إلا سعدا وإلّا سعيدا» ف «سعيدا» عطف على سعد و «إلّا» الثانية لغو ، ومن هذا قول أبي ذؤيب الهذلي :
هل الدهر إلّا ليلة ونهارها |
|
وإلّا طلوع الشمس ثم غيارها (٦) |
ونحو «ما قرأ إلّا محمّد إلّا أستاذك» «ما أصلحت إلّا البيت إلّا سقفه» «ما أعجبني إلّا خالد إلا علمه» وقد اجتمع العطف والبدل في قول الراجز :
ما لك من شيخك إلّا عمله |
|
إلّا رسيمه وإلّا رمله (٧) |
__________________
(١) وعند أبي حيان : لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف العائد على اسم «لا» المقدر ب «موجود» ولعل هذا أصوب.
(٢) الآية «٤٣» فاطر (٣٥)
(٣) الآية «١٧٠» النساء (٤)
(٤) الآية «٣٥» الأحقاف (٤٦)
(٥) المؤسسة : التي لها معنى أصلي.
(٦) غيارها : من غارت الشمس إذا غربت.
(٧) الرسيم : نوع من السير سريع مؤثر في الأرض ، والرمل : سير فوق المشي ، ودون العدو ، فالرسيم والرمل : تفسير ان ل «عمله».