وتقديره : يعلم الأشياء كائنة ، وقوله تعالى (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى)(١) أي يعلم ، وتقديره : يرى ما نعتقده حقا ، وقوله تعالى : (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ)(٢) ، وقولهم في المثل «من يسمع يخل» أي من يسمع خبرا يظنّ مسموعه صادقا ، ويمتنع حذف أحدهما اقتصارا لغير دليل بالإجماع.
٦ ـ القول يعمل عمل «ظنّ» بشروط :
قد يكون «القول» بمعنى «الظّنّ» ويعمل عمله ، ولكن له شروط عند الجمهور (٣) :
(١) كونه مضارعا.
(٢) مسندا للمخاطب.
(٣) مسبوقا باستفهام حرفا كان أو اسما ، سمع الكسائي «أتقول للعميان عقلا» (٤) ، وقال عمرو ابن معديكرب الزبيدي :
علام تقول الرمح يثقل عاتقي |
|
إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت (٥) |
(٤) ألّا يفصل بين الاستفهام والفعل فاصل ، واغنفر الفصل بظرف ، أو مجرور ، أو معمول الفعل ، فالفصل بالظرف كقوله :
أبعد بعد تقول الدار جامعة |
|
شملي بهم أم تقول البعد محتوما (٦) |
__________________
(١) الآية «٣٥» النجم (٥٣).
(٢) الآية «١٢» الفتح (٤٨). «ظن السوء» مفعول مطلق ، مفيد للنوع.
(٣) أما بنو سليم فيعملونه في الجملة الاسمية مطلقا ، وعليه يروى قول امرئ القيس :
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه |
|
تقول هزيز الريح مرت بأثأب |
بنصب «هزيز» مفعول أول لتقول ، وجملة «مرت بأثأب» مفعول ثان و «الشأوين» تثنية شأو ، وهو الشوط و «العطف» الجانب «هزيز الريح» دويها و «أثأب» واحده : أثأبة : نوع من الشجر.
(٤) «عقلا» : مفعول أول و «للعميان» مفعول ثان على التقديم والتأخير.
(٥) يقول المرزوقي في شرح الحماسة : وقوله «تقول الرمح» يروى بفتح الحاء وضمها ، فإذا نصبت فلأنك جعلت : «تقول» في معنى تظن ، وهم ـ عند الخطاب والكلام استفهام ـ يحملون القول على الظن ، على ذلك قوله :
فمتى تقول الدار تجمعنا
أي متى تظن ذلك ، فجعل القول يدل على الظن ، لما كان القول ترجمة عن الظن ، والخطاب والاستفهام يحتملان ما لا يحتمل غيرهما ، وإذا رفعت فالقول متروك على بابه.
(٦) فصل بين الاستفهام وهو الهمزة في أول البيت بالظرف وهو «بعد» ومعه مضاف إليه وهو «بعد» و «الدار» مفعول أول لتقول و «جامعة» مفعوله الثاني و «شملي» مفعول جامعة ومثله «أم تقول البعد محتوما»