معنى الاقتران ، وجاز ذكر الخبر لعدم التّنصيص على المعيّة قال الفرزدق :
تمنّوا لي الموت الذي يشعب الفتى (١) |
|
وكلّ امرئ والموت يلتقيان |
فآثر ذكر الخبر وهو يلتقيان.
«ج» أن يكون الخبر كونا مطلقا (٢) والمبتدأ بعد لو لا نحو «لو لا العلماء لهلك العوام» فالهلاك ممتنع لوجود العلماء ، فالعلماء مبتدأ وخبره محذوف وجوبا ، وإن كان الخبر كونا مقيدا وجب ذكره إن فقد دليله كقوله «لو لا زيد سالمنا ما سلم» (٣) وفي الحديث : «لو لا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم» (٤) ، وجاز الوجهان إن وجد الدّليل نحو «لو لا أنصار زيد حموه ما سلم» ويجوز «لو لا أنصار زيد ما سلم» ، فجملة «حموه» خبر المبتدأ ويجوز حذف الخبر فتقول «لو لا أنصار زيد ما سلم» ، فالمبتدأ دالّ على الحماية إذ من شأن الناصر أن يحمي من ينصره ، ومنه قول أبي العلاء يصف سيفا :
يذيب الرعب منه كلّ عضب |
|
فلو لا الغمد يمسكه لسالا (٥) |
وجمهور من النحويين يوجب حذف الخبر بعد «لو لا» مطلقا ، بناء على أنه لا يكون إلّا كونا مطلقا ، وأوجبوا
__________________
(١) يشعب : يفرق.
(٢) وإيضاح الكون المطلق أن يقال : إن كان امتناع الجواب لمجرد وجود المبتدأ فالخبر كون مطلق ، ويقابله الكون المقيد ، كما إذا قيل : «هل زيد محسن إليك» فتقول «لو لا زيد لهلكت» تريد : لو لا إحسان زيد إلي لهلكت ، فإحسان زيد مانع لهلاكي ، فالخبر كون مقيد بالإحسان والأصل في معنى «لو لا» أنها حرف امتناع لوجود ، وهو الوجود المطلق.
(٣) ف «زيد» مبتدأ وجملة «سالمنا» خبره ، وإنما ذكر الخبر هنا ، لأن وجود زيد مقيد بالمسالمة ، ولا دليل ـ إن حذف الخبر ـ على خصوصيتها.
(٤) لفظ الحديث كما روي في صحيح مسلم «لو لا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر» ورواية الترمذي «لو لا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية ..
الحديث» وفي رواية مسلم : «لو لا حدثان قومك بالكفر لفعلت» وكل هذه الروايات الصحيحة لا شاهد فيها على ذكر الخبر بعد لو لا.
(٥) «يمسكه» خبر الغمد ، وهو كون مقيد بالإمساك ، والمبتدأ دال عليه ، إذ من شأن غمد السيف إمساكه ، و «يذيب» نقيض يجمد ، «العضب» السيف القاطع ، «الغمد» غلاف السيف.