الفن الثالث فى
البديع
(وهو علم يعرف به وجوه تحسين الكلام) اى يتصور به معانيها ويعلّم اعدادها وتفاصيلها بقدر
الطاعة.
والمراد
بالوجوه ما مر فى قوله وتتبعها وجوه اخر تورث الكلام حسنا وقبولا.
وقوله (بعد رعاية المطابقة) اى مطابقة الكلام لمقتضى الحال (و) رعاية (وضوح الدلالة) اى الخلو عن التعقيد المعنوى اشارة الى ان هذه الوجوه
انما تعد محسّنة للكلام بعد رعاية الامرين والا لكان كتعليق الدرر على اعناق
الخنازير والظرف اعنى قوله بعد رعاية متعلق بقوله تحسين الكلام.
(وهى) اى وجوه تحسين الكلام (ضربان معنوى) اى راجع الى تحسين المعنى اولا وبالذات وان كان قد يفيد
بعضها تحسين اللفظ ايضا (ولفظى) اى راجع الى تحسين اللفظ كذلك (اما المعنوى) قدّمه لان المقصود الاصلى والغرض الاولى هو المعانى والالفاظ توابع وقوالب
لها (فمنه المطابقة وتسمى الطباق والتضاد ايضا.
وهى الجمع بين
المتضادين اى معنيين متقابلين فى الجملة) اى يكون بينهما تقابل وتناف ولو فى بعض
الصور سواء كان التقابل حقيقيا او اعتباريا وسواء كان تقابل التضاد او تقابل
الايجاب والسلب او تقابل العدم والملكة او تقابل التضائف او ما يشبه شيئا من ذلك (ويكون) ذلك الجمع (بلفظين من نوع) واحد من انواع الكلمة (اسمين نحو (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ
رُقُودٌ) او فعلين نحو (يُحْيِي وَيُمِيتُ*) او حرفين نحو (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا
اكْتَسَبَتْ)).
فان فى اللام
معنى الانتفاع وفى على معنى التضرر اى لا ينتفع بطاعتها ولا يتضرر بمعصيتها غيرها (او من نوعين نحو (أَوَمَنْ كانَ
مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ)) فانه قد اعتبر
فى الاحياء معنى الحياة وفى الاماتة معنى الموت والموت والحياة مما يتقابلان وقد
دل على الاول بالاسم وعلى الثانى بالفعل (وهو) اى الطباق (ضربان طباق الايجاب