والمصنف اورد للقسمين الاولين مثاليهما (كقوله تعالى («يُخادِعُونَ اللهَ) وَهُوَ خادِعُهُمْ» وقوله («إِنَّ الْأَبْرارَ) لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ») فى الخبريتين لفظا ومعنى الا انهما فى المثال الثانى متناسبان فى الاسمية بخلاف الاول (وقوله تعالى (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) فى الانشائيتين لفظا ومعنى واورد للاتفاق معنى فقط مثالا واحدا واشارة الى انه يمكن تطبيقه على قسمين من اقسامه الستة واعاد فيه لفظة الكاف تنبيها على انه مثال للاتفاق معنى فقط فقال (وكقوله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنا) مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ،) فعطف قولوا على لا تعبدون مع اختلافهما لفظا لكونهما انشائيتين معنى لان قوله لا تعبدون اخبار فى معنى الانشاء (اى لا تعبدوا).
وقوله (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) لابد له من فعل فاما ان يقدر خبر فى معنى الطلب اى (وتحسنون بمعنى احسنوا) فتكون الجملتان خبرا ولفظا وانشاء معنى وفائدة تقدير الخبر.
ثم جعله بمعنى الانشاء اما لفظا فالملايمة مع قوله لا تعبدون واما معنى فالمبالغة باعتبار ان المخاطب كأنه سارع الى الامتثال فهو يخبر عنه كما تقول تذهب الى فلان وتقول له كذا تريد الامر (او) يقدر من اول الامر صريح الطلب على ما هو الظاهر اى (واحسنوا) بالوالدين احسانا فتكونان انشائيتين معنى مع ان لفظة الاولى اخبار ولفظة الثانية انشاء (والجامع بينهما) اى بين الجملتين (يجب ان يكون باعتبار المسند اليهما والمسندين جميعا) اى باعتبار المسند اليه فى الجملة الاولى والمسند اليه في الجملة الثانية وكذا باعتبار المسند فى الجملة الاولى والمسند في الجملة الثانية (نحو «يشعر زيد ويكتب») للمناسبة الظاهرة بين الشعر والكتابة وتقارنهما فى خيال اصحابهما (ويعطى) زيد (ويمنع) لتضاد الاعطاء والمنع.
هذا عند اتحاد المسند اليهما ، واما عند تغايرهما فلا بد من تناسبهما ايضا كما اشار اليه بقوله (زيد شاعر وعمرو كاتب وزيد طويل وعمرو قصير لمناسبة بينهما).