ان وصف بانه بلغ (الدرجة القصوى فى الكمال) وبقوله بولغ تتعلق الباء فى قوله (بجعل المبتدأ ذلك) الدال على كمال العناية بتمييزه والتوسل ببعده الى التعظيم وعلو الدرجة (وتعريف الخبر باللام) الدال على الانحصار مثل حاتم الجواد.
فمعنى ذلك الكتاب انه الكتاب الكامل الذى يستأهل ان يسمى كتابا كأن ما عداه من الكتب فى مقابلته ناقص بل ليس بكتاب (جاز) جواب لما اى جاز بسبب هذه المبالغة المذكورة (ان يتوهم السامع قبل التأمل انه) اعنى قوله ذلك الكتاب (مما يرمى به جزافا) من غير صدور عن رويّة وبصيرة (فاتبعه) على لفظ المبنى للمفعول والمرفوع المستتر عائد الى (لا رَيْبَ فِيهِ) والمنصوب البارز الى (ذلِكَ الْكِتابُ) اى جعل لا ريب فيه تابعا لذلك الكتاب (نفيا لذلك) التوهم (فوزانه) اى وزان لا ريب فيه مع ذلك الكتاب (وزان نفسه) مع زيد (فى جاءنى زيد نفسه).
فظهر ان لفظ وزان فى قوله وزان نفسه ليس بزائد كما توهم او تأكيدا لفظيا كما اشار اليه بقوله (ونحو هدى) اى هو هدى (لِلْمُتَّقِينَ) اى الضالين الصائرين الى التقوى.
(فان معناه انه) اى الكتاب (فى الهداية بالغ درجة لا يدركها كنهها) اى غايتها لما فى تنكير هدى من الابهام والتفخيم (حتى كأنه هداية محضة) حيث قيل هدى ولم يقل هاد (وهذا معنى ذلك الكتاب لان معناه كما مر الكتاب الكامل.
والمراد بكماله كماله فى الهداية لان الكتب السماوية بحسبها) اى بقدر الهداية واعتبارها (تتفاوت فى درجات الكمال) لا بحسب غيرها لانها المقصود الاصل من الانزال (فوزانه) اى وزان (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (وزان زيد الثانى فى جاءنى زيد زيد) لكونه مقررا لذلك الكتاب مع اتفاقهما فى المعنى بخلاف (لا رَيْبَ فِيهِ) فانه يخالفه معنى (او) لكون الجملة الثانية (بدلا منها) اى من الاولى (لانها) اى الاولى (غير وافية بتمام المراد او كغير الوافية) حيث يكون فى الوفاء قصور ما او خفاء ما (بخلاف الثانية) فانها وافية كمال الوفاء (والمقام يقتضى اعتناء بشانه) اى بشان المراد (لنكتة ككونه) اى المراد (مطلوبا فى نفسه او فظيعا او عجيبا او لطيفا)