الظاهر (وقد ينزل المجهول منزلة المعلوم لادعاء ظهوره فيستعمل له الثالث) اى انما (قوله تعالى حكاية عن اليهود (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ)) ادعوا ان كونهم مصلحين امر ظاهر من شأنه ان لا يجهله المخاطب ولا ينكره (ولذلك جاء الا انهم هم المفسدون للرد عليهم مؤكدا بما ترى) من ايراد الجملة الاسمية الدالة على اثبات.
وتعريف الخبر الدال على الحصر وتوسيط ضمير الفصل المؤكد لذلك وتصدير الكلام بحرف التنبيه الدال على ان مضمون الكلام مما له خطر وله عناية.
ثم لتأكيده بان ثم تعقيبه بما يدل على التقريع والتوبيخ وهو قوله (وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (ومزية انما على العطف انه يعقل منها) اى من انما (الحكمان) اعنى الاثبات للمذكور والنفى عما عداه (معا) بخلاف العطف فانه يفهم منه اولا الاثبات ثم النفى نحو زيد قائم لا قاعد وبالعكس نحو ما زيد قائما بل قاعدا.
(واحسن مواقعها) اى مواقع انما (التعريض نحو («إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ» *) فانه تعريض بان الكفار من فرط جهلهم كالبهائم فطمع النظر) اى التأمل (منهم كطمعه منها) اى كطمع النظر من البهائم.
(ثم القصر كما يقع بين المبتدأ والخبر على ما مر يقع بين الفعل والفاعل) نحو ما قام الا زيد (وغيرهما) كالفاعل والمفعول نحو ما ضرب زيد الا عمروا وما ضرب عمروا الا زيد والمفعولين نحو ما اعطيت زيدا الا درهما وما اعطيت درهما الا زيدا وغير ذلك من المتعلقات.
(ففى الاستثناء يؤخر المقصور عليه مع اداة الاستثناء) حتى لو اريد القصر على الفاعل قيل ما ضرب عمروا الا زيد ولو اريد القصر على المفعول قيل ما ضرب زيد الا عمروا ومعنى قصر الفاعل على المفعول مثلا قصر الفعل المسند اليه الفاعل على المفعول.
وعلى هذا قياس البواقى فيرجع فى الحقيقة الى قصر الصفة الى الموصوف وبالعكس ويكون حقيقيا وغير حقيقى افرادا وقلبا وتعيينا ولا يخفى اعتبار ذلك.
(وقلّ) اى جاز على قلة (تقديمهما) اى تقديم المقصور عليه واداة الاستثناء