ونظيره ما ذكره صاحب المفتاح فى قوله تعالى (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي) من ان المعنى حسابهم مقصور على الاتصاف بعلى ربى لا يتجاوزه الى الاتصاف بعلّى فجميع ذلك من قصر الموصوف على الصفة دون العكس كما توهمه بعضهم (ولهذا) اى ولان التقديم يفيد التخصيص (لم يقدم الظرف) الذى هو المسند على المسند اليه (فى «لا ريب فيه») ولم يقل لا فيه ريب (لئلا يفيد) تقديمه عليه ثبوت الريب فى سائر كتب الله تعالى بناء على اختصاص عدم الريب بالقرآن.
وانما قال فى سائر كتب الله تعالى لانه المعتبر فى مقابلة القرآن كما ان المعتبر فى مقابلة خمور الجنة هى خمور الدنيا لا مطلق المشروبات وغيرها (او التنبيه) عطف على تخصيصه اى تقديم المسند للتنبيه (من اول الامر على انه) اى المسند (خبر لا نعت) اذ النعت لا يتقدم على المنعوت.
وانما قال من اول الامر لانه ربما يعلم انه خبر لا نعت بالتأمل فى المعنى والنظر الى انه لم يرد فى الكلام خبر للمبتدأ (كقوله
«له همم لا منتهى لكبارها |
|
وهمته الصغرى اجل من الدهر) |
حيث لم يقل همم له (او التفاؤل) نحو سعدت بغرة وجهك الايام.
(او التشويق الى ذكر المسند اليه) بان يكون فى المسند المتقدم طول يشوق النفس الى ذكر المسند اليه فيكون له وقع فى النفس ومحل من القبول لان الحاصل بعد الطلب اعز من المنساق بلا تعب (كقوله ثلاثة) هذا هو المسند المتقدم الموصوف بقوله (تشرق) من اشرق بمعنى صار مضيئا (الدنيا) فاعل تشرق والعائد الى الموصوف هو الضمير المجرور في قوله (ببهجتها) اى بحسنها ونضارتها اى تصير الدنيا منورة ببهجة هذه الثلاثة وبهائها والمسند اليه المتأخر هو قوله (شمس الضحى وابو اسحق والقمر).)
(تنبيه ، كثير مما ذكر في هذا الباب) يعنى باب المسند (والذي قبله) يعنى باب المسند اليه (غير مختص بهما كالذكر والحذف وغيرهما) من التعريف والتنكير والتقديم والتأخير والاطلاق والتقييد وغير ذلك مما سبق.