وكان الراوية في الأصل حامل المزادة ، وهو البعير وما يجري مجراه ، ولهذا
سمي حامل الشعر راوية.
ذلك مفهوم
البلاغة لغة ، وقديما اختلف أهل العلم في مفهومها ووصفها بيانيا ، وقد أورد ابن
رشيق القيراوني في كتابه العمدة طائفة من أقوال البلغاء في تحديد مفهوم البلاغة كما
تصوّرها من وردت هذه الأقوال على ألسنتهم ، بيد أن النظر في كل قول من هذه الأقوال
لا يعطينا مفهوما جامعا مانعا للبلاغة ، ولكن ربما التمس مفهوم البلاغة المنشود من
ثنايا بعض هذه الأقوال ، فلنحاول. سئل بعض البلغاء : ما البلاغة؟ فقال : قليل يفهم
وكثير لا يسأم. وسئل آخر فقال : معان كثيرة في ألفاظ قليلة.
وقيل لأحدهم :
ما البلاغة؟ فقال : إصابة المعنى وحسن الإيجاز. وسئل بعض الأعراب : من أبلغ الناس؟
فقال : أسهلهم لفظا ، وأحسنهم بديهة.
وقال خلف
الأحمر : البلاغة لمحة دالة.
وقال الخليل بن
أحمد : البلاغة كلمة تكشف عن البقية.
وقال المفضل
الضبي : قلت لأعرابي : ما البلاغة عندكم؟ فقال : الإيجاز من غير عجز ، والإطناب من
غير خطل.
وكتب جعفر بن
يحيى بن خالد البرمكي إلى عمرو بن مسعدة : إذا كان الإكثار أبلغ كان الإيجاز
تقصيرا ، وإذا كان الإيجاز كافيا كان الإكثار عيا.
وقيل لبعضهم :
ما البلاغة؟ فقال : إبلاغ المتكلم حاجته بحسن إفهام السامع ، ولذلك سميت بلاغة.
وقثال آخر :
البلاغة معرفة الفصل من الوصل.
وقيل البلاغة :
حسن العبارة ، مع صحة الدلالة.
__________________