المخاطب إن ادّعى وقوع شيء فيما مضى ، أو نزّل منزلة المدعي أتي بالاستفهام
الإنكاري تكذيبا له في دعواه ، نحو قوله تعالى لمن اعتقدوا أن الملائكة بنات الله
: (أَفَأَصْفاكُمْ
رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً؟) أي : أخصكم ربكم بالذكور وخصّ نفسه بالبنات؟ أي أنه لم
يفعل هذا لتعاليه عن الولد مطلقا.
د ـ وإما إنكار
للتكذيب في الحال أو في المستقبل ، بمعنى «لا يكون» نحو قوله تعالى على لسان نوح عليهالسلام عند ما دعا قومه إلى التوحيد وكذبوه : (قالَ يا قَوْمِ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ
كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ، وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ
عَلَيْكُمْ ، أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ؟) أي أنلزمكم تلك الحجة البينة على أني رسول الله؟ أي
أنكرهكم على قبولها ، والحال أنكم لها كارهون؟ يعني لا يكون هذا الإلزام. فالإنكار
في هذين الحالين إنكار لأمر كاذب ، ولذلك يسمى في الحالين الإنكار التكذيبيّ.
ويجب في
الاستفهام الإنكاري أن يقع المنكر بعد همزة الاستفهام. وقد يكون المنكر هو «الفعل»
نحو قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ
إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً؟) فالمنكر هو نفس الفعل ، أي اتخاذ الأصنام آلهة. ونحو
قوله تعالى على لسان إبراهيم عند ما أسرع إليه قومه بعد أن كسّر أصنامهم : (قالَ : أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ
وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ؟ ،) ونحو قول امرىء القيس :
أيقتلني
والمشرفي مضاجعي
|
|
ومسنونة زرق
كأنياب أغوال؟
|
وقول آخر :
أأترك إن قلت
دراهم خالد
|
|
زيارته؟ إني
إذن للئيم
|
وقد يكون
المنكر هو «الفاعل» في المعنى ، كقوله تعالى : (أَهُمْ
__________________