أبو عثمان المازني
وكان المازنيّ من فضلاء الناس وعظمائهم ورواتهم وثقاتهم. وكان من أهل القرآن ، حدّثنا غير واحد عن المبّرد قال : حدّثنا المازنيّ قال : قرأت على يعقوب الحضرميّ القرآن ، فلما ختمت رمى إليّ بخاتمه ، وقال : خذه ، ليس لك مثل.
وكذلك فعل يعقوب بأبي حاتم ، أخبرنا جعفر بن محمد قال : حدّثنا عليّ بن شاذان عمّن حدّثه أن أبا حاتم ختم على يعقوب سبع ختمات ـ ويقال : خسما وعشرين ختمة ـ فأعطاه خاتمه ، وقال : أقرئ الناس.
وكان المازنيّ متخلّفا (١) رفيقا بمن يأخذ عنه ، إلا أنه كان في كلامه غموض ، فأخبرنا محمد بن يحيى قال : أخبرنا محمد بن يزيد قال : حدّثنا المازنيّ قال : قرأ عليّ رجل كتاب سيبويه في مدة طويلة ، فلما بلغ آخره قال لي : أمّا أنت فجزاك الله خيرا ؛ وأمّا أنا فما فهمت منه حرفا.
وأخبرني عليّ بن محمد الخداشيّ قال : بلغنا أن مغنيّة غنّت بحضرة الواثق :
أظليم إنّ مصابكم رجلا |
|
أهدى السّلام تحية ظلم (٢) |
فردّ عليها الواثق وقال : «إن مصابكم رجل». فأعادت «إن مصابكم رجلا» ، فأعاد الردّ عليها ؛ فقالت : لقّنني هذا أعلم أهل زمانه ، قال : ومن هو؟ قالت : المازنيّ. قال : عليّ به ، فأشخص إليه ، فلما مثل بين يديه قال : ما اسمك يا مازنيّ! قال : بكر يا أمير المؤمنين. قال : أحسنت ، قال : كيف تروي «أظليم إن مصابكم»؟ قال : «أظليم إن مصابكم رجلا» ، وتمّم البيت : فقال : وأين خبر «إنّ»؟
__________________
(١) في الأصل : «متحلفا» ، تصحيف.
(٢) نسبه ابن خلكان ١ / ٩٣ ، والحريري في درة الغواص ص ٤٣ إلى العرجي ؛ وروايتهما «أظلوم إن مصابكم رجلا» ونسبه صاحب الخزانة (١ / ٢١٧) إلى الحارث بن خالد المخزومي.