لجرم ، قد تقدّم ذكره فى رسم المنيفة ، ورسم كثلة ، وفيها مات زيد الخيل. وذلك أنّه أسلم وأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم قرى كثيرة ، فيدا وغيرها ، فلمّا انصرف عنه قال : أىّ فتى إن لم تدركه أمّ كلبة ، يعنى الحمّى. فنهض زيد لوجهته (١) ، وقال لأصحابه : إنّى قد أثّرت فى هذا الحىّ من قيس آثارا ، ولست آمن إن مررت بهم أن يقاتلونى ، وأنا أعطى الله عهدا ألّا أقاتل مسلما بعد يومى هذا ، فنكّبوا بى أرضهم (٢) ؛ فأخذوا ناحية من الطريق حتّى ، انتهوا إلى فردة ، وهو ماء من مياه جرم من طيّىء ، فأخذته الحمّى ، فمكث ثلاثا ثم مات ، وقال قبل ذلك :
أمطّلع صحبى المشارق غدوة |
|
وأترك فى بيت بفردة منجد |
سقى الله ما بين القفيل فطابة |
|
فرحبة إرمام فما حول مرشد |
هنالك لو أنّى مرضت لعادنى |
|
عوائد من لم يشف منهنّ يجهد |
فليت اللواتى عدننى لم يعدننى |
|
وليت اللواتى غبن عنى عوّدى |
ويروى : «فما حول منشد».
وبفردة أصاب زيد بن حارثة عير قريش حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سريّة إليها. وذلك أن قريشا بعد وقعة بدر خافوا طريقهم الذي كانوا يسلكونه إلى الشام ، فسلكوا طريق العراق ، فأصابهم زيد بن حارثة على هذا الماء ، فأصاب العير وما فيها (٣) ، وأعجزه الرجال وفيهم أبو سفيان.
الفرّجان بفتح أوّله ، وثانيه وتشديده ، بعده جيم : موضع بين قومس
__________________
(١) فى ج : لوجهه.
(٢) فنكبوا بى قريشا وأرضهم.
(٣) فى ج : بها.