وأمّا جبال الحمى فأدناها إليه جبل على ظهر الطريق ، يقال له السّتار ، وهو جبل أحمر مستطيل ، ليس بالعالى ، فيه ثنايا يسلكها الناس ؛ وطريق البصرة يأخذ ثنيّة من السّتار ، وبين السّتار وأمرة من فوقها خمسة أميال ، وأمرة : فى ديار غنىّ ، بلد كريم سهل ، ينبت الطّريقة ، وهو بناحية هضب الأشقّ ، وبالأشقّ سبعة أمواه ، وهو بلد برث أبيض ، كأن تربه الكافور.
والستّة الأمواه جاهليّة ، اختصمت فيها بنو عبيد وبنو زبّان ، ووقع فيها شرّ ، ثم اصطلحوا على اقتسامها بنصفين ، وعلى أن يبدأ بنو عبيد الله فيختاروا ، فصار لبنى عبيد الرّيّان والرّسيس ومخمّرة ، وصار لبنى زبّان عرفج والحائر وجمام. والرّيّان : فى أصل جبل أحمر من أحسن جبال الحمى ، وهو الذي ذكره جرير فقال :
يا حبّذا جبل الرّيّان من جبل |
|
وحبّذا ساكن الريان من كانا |
وحبّذا نفخات من يمانية |
|
تأتيك من جبل الريّان أحيانا |
ومن هضبات الأشقّ هضبة فى ناحية عرفج ، يقال لها الشّيماء ، وإنّما سمّيت بذلك لأن فى عرضها سوادا ، وهناك دارة تمسك الماء ، قال بعض شعرائهم : (١)
ألا ليت شعرى هل أبيتنّ ليلة |
|
وهضب الحمى جار لأهلى مخالف |
نظرت فطارت من فؤادى طيرة |
|
ومن بصرى خلفى لو انّى أخالف |
إلى قلّة الشّيماء تبدو كأنّها |
|
سماوة جلب أو يمان مفاوف |
ترى هضبها من جانبيها كأنّها |
|
جريدة شول حول قوم عواكف |
__________________
(١) فى ج : النتاءة.