وكان عثمان رحمه الله قد احتفر عينا فى ناحية من الأرض التى لغنىّ خارج الحمى ، فى حقّ بنى مالك بن سعد بن عوف ، رهط طفيل ، وعلى قرب ماء من مياههم يقال له نفء ، وهو الذي يقول فيه امرؤ القيس :
غشيت ديار الحىّ بالبكرات |
|
فعارمة فبرقة العيرات |
فغول فحلّيت فنفء فمنعج |
|
إلى عاقل فالجبّ ذى الأمرات |
وبين نفء وبين أضاح نحو من خمسة عشر ميلا. وابتنى عمّاله عند العين قصرا يسكنونه ، وهو بين أضاخ وجبلة ، قريبا من واردات ، فلمّا قتل عثمان انكشف العمّال وتركوها ؛ واختصم فيها أيّام بنى العبّاس الغنويّون والعثمانيّون ، عند أبى المطرّف عبد الله بن محمد بن عطاء اللّيثى ، وهو عامل للحسن (١) بن زيد ، فشهدت بنو تميم للعثمانيّين ، وشهدت قيس للغنويّين ، فلم يثبت لفريق منهم حقّ ، وبقيت نفء مواتا دفينا.
وقد كان مروان بن الحكم احتفر حفيرة أيضا فى ناحية الحمى ، يقال لها الصّفوة ، بناحية أرض بنى الأضبط بن كلاب ، على عشرين ميلا من ضريّة ، ثم استرجعها بنو الأضبط فى أيام بنى العبّاس ، بقطائع من السلطان ، واحتفر عبد الله بن مطيع العدوىّ حفيرة بالحمى فى ناحية شعبى ، إلى جنب الثّريّا (٢) للكنديّين ، منهم العبّاس بن يزيد الشاعر ، الذي يقول فيه جرير :
أعبدا حلّ فى شعبى غريبا |
|
ألؤما لا أبالك واغترابا |
إذا خلّ الحجيج على قنيع |
|
يدبّ الليل يسترق العيابا |
__________________
(١) فى ج : للحسين.
(٢) فى ج بعد الثريا : وكانت الثريا.