فأقبلوا حتى نزلوا قرى اليمامة. قال : ويقبل زيد بن ثعلبة (١) بن يربوع ، حتى يأتى عبيدا أخاه ، فقال له أنزلنى معك فى حجر. قال : لا ينزلها معى (وقبض على ذكره) إلّا من خرج من هذا ، ولكن عليك بتلك القريّة ، التى خرج منها الزّبيدىّ ، فانطلق فنزلها فى الفساطيط والأخبية ، وعبيد وولده فى القصور بحجر.
قال : فجعل يمكث الأيام ، ثم يقول لبنيه : انطلقوا بنا إلى باديتنا ، فنتحدّث إليهم ، ثم يرجع. قال : فمن هناك سمّيت البادية زيد بن يربوع ، وحبيب بن يربوع ، وقطن بن يربوع ، ومعاوية بن يربوع. هؤلاء الذين يقال لهم البادية من بنى حنيفة. قال : وجعل زيد يقتصل (٢) جثيث النّخل ، وهى أولادها ، ثم يغرسها ، فتخرج على مهلتها. قال : وصنع ذلك أهل البادية كلّها. فأرض اليمامة حجر ، وهى مصرها ووسطها ، ومنزل الأمراء فيها ، وإليها تجلب الأشياء.
وأقامت سائر قبائل ربيعة ، من بكر وتغلب وغفيلة وعنزة وضبيعة فى بلادهم ، من ظواهر نجد والحجاز وأطراف تهامة ، حتّى وقعت الحرب بينهم فى قتل جسّاس بن مرّة بن ذهل بن شيبان كليب بن ربيعة ، وانضمّت النّمر وغفيلة إلى بنى تغلب ، فصاروا معهم ، ولحقت عنزة وضبيعة ببكر بن وائل ، فلم تزل الحروب والوقائع تنقلهم من بلد إلى بلد ، وتنفيهم من أرض إلى أرض ، وتغلب فى كلّ ذلك ظاهرة على بكر ، حتى التقوا يوم قضة (٣) ، وقضة : عقبة فى عارض اليمامة ، وعارض : جبل ، وقضة من اليمامة على ثلاث ليال ، وذلك
__________________
(١) الصواب زيد بن يربوع ، كما فى معجم البلدان. لأن زيدا هو عم عبيد بن ثعلبة ابن يربوع.
(٢) فى معجم البلدان : «يفسل».
(٣) قضة : بتخفيف الضاد ، كما فى الأصول ومعجم البلدان لياقوت. ونقل فى تاج العروس تشديد الضاد فيه عن ابن دريد.