ابن أحمس ، حتى أتى بنى الحارث بن كعب ، فنزلوا بهم ، وجاوروهم ، وعوف يومئذ شيخ ، فلم يزالوا فى ديار بنى الحارث حتى تلاحقوا وقووا ، فأغاروا ببنى الحارث على بنى زيد ، فقتلوهم ونفوهم عن ديارهم ، إلّا بقيّة منهم ، ورجعت أحمس إلى ديارهم. فلم تزل قسر فى دارها ، مقيمة فى محالّها ، يغزون من يليهم ، ويدفعون عن بلادهم ، مجتمعة كلمتهم على عدوّهم ، حتى مرّت بهم حدأة ، فقال رجل من عرينة بن نذير بن قسر بن عبقر : أنا لهذه الحدأة جار ، فعرفت بالعرنىّ ، ونسبت إليه ، فلبثت حينا ، ثم إنها وجدت ميّتة ، وفيها سهم رجل من بنى أفصى بن نذير بن قسر ، فطلب عرينة صاحب السّهم ، فقتلوه ثم إنّ أفصى جمعت لعرينة ، فالتقوا ، فظهرت عليهم عرينة ، فقتلوهم إلّا بقيّة منهم ، فلم يزالوا قليلا حتى ظهر الإسلام ، واجتمعت قبائل قسر ، فأخرجوا عرينة عن ديارهم ، ونفوهم عنها ، فقال عوف بن مالك بن ذبيان وبلغه أمرهم :
وحدّثت قومى أحدث الدّهر بينهم |
|
وعهدهم بالنّائبات قريب |
فإن يك حقّا ما أتانى فإنّهم |
|
كرام إذا ما النائبات تنوب |
فقيرهم مدنى الغنى وغنيّهم |
|
له ورق للمعتفين رطيب |
ونبّئت قومى يفرحون بهلكهم |
|
سيأتيهم ملمنديات (١) نصيب |
فتفرّقت بطون بجيلة عن الحروب التى كانت بينهم ، فصاروا متقطّعين (٢) فى قبائل العرب ، مجاورين لهم فى بلادهم ، فلحق عظم عرينة بن قسر ، ببنى جعفر ابن كلاب بن ربيعة ، وعمرو بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. ولحقت قبيلتان من عرينة : غانم ومنقذ ابنا مالك بن هوازن بن عرينة ، بكلب بن
__________________
(١) «ملمنديات» : أصله «من المنديات» ؛ حذفت النون لالتقاء الساكنين.
(٢) فى ، ج : «منقطعين».