وسمعت عبد الله بن الحسن الدمياطي يقول : حكى لي الشيخ الصالح عبد القادر التنيسي بثغر دمياط قال : كنت أمشي على قاعدة الفقير ، فدخلت إلى مدينة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وسلمت على النبي صلىاللهعليهوسلم ، وشكوت له ضرري من الجوع ، واشتهيت عليه الطعام من البر واللحم والتمر ، وتقدمت بعد الزيارة للروضة فصليت فيها ، وبت فيها ، فإذا شخص يوقظني من النوم ، فانتبهت ومضيت معه ، وكان شابا جميلا خلقا وخلقا ، فقدم إلى جفنة تريد وعليها شاة وأطباق من أنواع التمر صيحاني وغيره وخبزا كثيرا من جملته خبز أقراص سويق النبق ، فأكلت فملأ لي جرابي لحما وخبزا وتمرا ، وقال : كنت نائما بعد صلاة الضحى فرأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في المنام وأمرني أن أفعل لك هذا ، ودلّني عليك ، وعرفني مكانك بالروضة ، وقال لي : إنك اشتهيت هذا وأردته.
وسمعت صديقي علي بن إبراهيم البوصيري يقول : سمعت عبد السلام بن أبي القاسم الصقلي يقول : حدثني رجل ثقة نسي اسمه ، قال : كنت بمدينة النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولم يكن لي شيء ، فضعفت ، فأتيت إلى الحجرة وقلت : يا سيد الأولين والآخرين ، أنا رجل من أهل مصر ولي خمسة أشهر في جوارك ، وقد ضعفت ، فقلت : أسأل الله وأسألك يا رسول الله أن يسخر لي من يشبعني أو يخرجني ، ثم دعوت عند الحجرة بدعوات ، وجلست عند المنبر فإذا برجل قد دخل الحجرة فوقف يتكلم بكلام ، ويقول : يا جداه يا جداه ، ثم جاء إلي وقبض على يدي وقال لي : قم ، فقمت وصحبته ، فخرج بي من باب جبريل ، وعدا إلى البقيع وخرج منه فإذا بخيمة مضروبة وجارية وعبد ، فقال لهما : قوما فاصنعا لضيفكما عيشه فقام العبد وجمع الحطب وأوقد النار ، وقامت الجارية وطحنت وصنعت ملة ، وشاغلني بالحديث حتى أتت الجارية بالملة فقسمها نصفين وأتت الجارية بعكّة فيهما سمن فصبّ على الملة وأتت بتمر صيحاني فصنعها جيدا ، وقال لي : كل ، فأكلت شيئا قليلا ، فصدرت ، فقال لي : كل ، فأكلت ، ثم قال لي : كل ، فقلت : يا سيدي لي أشهر لم آكل فيها حنطه ، ولا أريد شيئا ، فأخذ النصف الثاني وضم ما فضل مني من الملة وأتى بمزود وصاعين من تمر فوضعهما في المزود ، وقال لي : ما اسمك؟ فقلت :فلان ، فقال : بالله عليك لا تعد تشكو إلى جدي فإنه يعز عليه ذلك ، ومن الساعة متى جعت يأتيك رزقك حتى يسبب الله لك من يخرجك ، وقال للغلام : خذه وأوصله إلى حجرة جدي ، فغدوت مع الغلام إلى البقيع ، فقلت له : ارجع قد وصلت ، فقال : يا سيدي الله الأحد ما أقدر أفارقك حتى أوصلك إلى الحجرة لئلا يعلم النبي صلى الله