الأعمال والخطب
والمواعظ المنسوبة إليه والموسومة بتقوى عميقة وقاسية تحيل إلى الشهيد.
إنّ عقبة ـ الأسطورة
هو مبشّر بالعقيدة الإسلامية في أرض إفريقية والمغرب ، وهو أحسن مجسّد للجهاد
الإسلامي ، الذي يجمع بين العزيمة والاستقامة ، وأخيرا هو بطل اخترقت أفعاله
المعجزة فازدرى الواقع بإرادته وحماسه للتعبّد. هذا بناء ميثولوجي بالتأكيد ، لكنّ
هذا العمل الذي وقع إعداده في مصر لم يكن ليتكرّس إلّا على خلفيّة مغربية سابقة
الوجود ، فالوجه الحقيقي لعقبة إذن يظلّ بالنسبة إلينا لغزا ، ومع ذلك نستطيع ببعض
التخيّل إدراك بعض الخطوط ورسم صورة عامة لما يمكن أن يكون كان عليه الرجل
الحقيقي.
بدأ عقبة قبل كل
شيء ، باعتباره جنديا وغازيا. لقد كانت له مكانة متميّزة في كوكبة القادة الأمويين
الذين جعلوا من أنفسهم صانعي التوسع المتواصل للإمبراطورية العربية ، وهكذا كان
ثمن مجهودهم المتميّز تماثلا لانتصار الإسلام مع انتصار العرب. متسلحا بنبل طموحه
الذي تجاوز شخصه ، فلقد استعان على تحقيقه بشجاعة جسدية ومعنوية كبيرة تزاوجت مع
جموح وعنف كبيرين. فالمصادر تبرزه لنا هكذا حتى وإن كان ذلك بالتأكيد بصفة مزخرفة
، عنيفا ومستخفا بمن حوله ، وبدائيا ومتلهّفا على القيادة وحاقدا وقاسيا على
أعدائه. فإذا كانت تنقصه مرونة السياسي وحلم أشراف قريش ، فقد كان له مع ذلك فضائل
القائد التقي في أعلى مستوياتها ، فهو مقدام ولذلك كان محل تقدير من قبل رجاله ، ومما
لا شك فيه فإننا أمام صورة كبيرة لمؤسّس وغازي.
III ـ نهاية الفتح (٦٩ ـ ٨٦
ه / ٦٨٨ ـ ٧٠٥ م)
طبع الموت المأسوي
لعقبة دخول القوى البربرية إلى لعبة الفتح. هذه القوى ظلّت إلى حدّ هنا تسويفية أو
ببساطة غير منظمة.
إنّ عالم البربر
حليف ما بقي من النظام البيزنطي وسيأخذ بالفعل