منذ فتحت الأندلس
في ٩٢ ثمّ في ٩٣ للهجرة إلى حدود افتكاك السّلطة من طرف عبد الرحمان بن معاوية
الأموي سنة ١٣٨ ه أي لمدّة تقترب من نصف القرن ، كانت الأندلس بالأساس تابعة
لولاية إفريقية والمغرب أي لوالي القيروان. فهو يسمّي العمّال عليها وهؤلاء في
أغلب الأوقات من عرب إفريقية ، لكن قد يسمّي الخليفة بنفسه واليا على الأندلس
مثلما تذكر ذلك المصادر بخصوص عمر بن عبد العزيز وهشام بن عبد الملك. وابتداء من
أزمة انحلال الدولة الأموية في ١٢٩ ه حدث أن رشّح عرب الأندلس واحدا منهم على
الولاية أو تغلّب أحد القوّاد مثل يوسف الفهري على البلاد. وهذا ما حصل أيضا
بإفريقية في فترة الاضطراب هذه التي دامت من ١٢٧ إلى ١٤٤ ه.
في الحقيقة ، هي
أزمة طالت كلّ الإمبراطورية الإسلامية في القلب والأجنحة ، وفي صلب الحكم ذاته ،
في أسلوبه ، في تركيبة القوّة العسكرية ، في موازين الإثنيات. فقد وجد أبو جعفر
المنصور صعوبات كثيرة في توطيد حكمه وحكم بني العبّاس كما في الحفاظ على وحدة دار
الخلافة. فنشب قوّاد وزعماء ، من الحركة العبّاسية ذاتها أوّلا ، لخلع الخليفة
الجديد (ابتداء من ١٣٦ ه) أو للاستقلال بمقاطعة ما ، مثل أبي مسلم الخراساني
وقبله عبد الله بن علي بالشّام ، أو فيما بعد الفرع الحسني سواء محمد بن عبد الله
بن الحسن بن الحسن أو أخوه إبراهيم. ولم تحلّ هذه الأزمة إلّا بالصّراع والحيلة
والقتل.
ذلك أنّ أبا جعفر
لا يمتلك مبدئيا الشّرعية الكافية لا في بيته العبّاسي ولا باسم آل البيت جملة ولا
بالنسبة للقوى الخراسانية التي اعتمدتها الحركة. وأكثر من ذلك ، فإنّ الدولة
الأموية عرفت بذاتها أزمة كبيرة قبل أن تسقط في ١٣٢ ه. وسقطت بالفعل بعد محاولة
جدّية