هشام بن عبد الملك ، وقع توسيع المسجد ، وترفيع الصومعة.
وفي هذا العهد تمّ إنهاء إقامة السوق المركزية على طول السّماط ، وهو شارع يقسّم المدينة إلى قسمين ، وقع تنظيمها وتخصيصها حسب المهن من قبل يزيد بن حاتم المهلبي. فضلا عن ذلك ، سوف لن يصبح للمدينة سور قبل ولاية ابن الأشعث (١٤٦ ه) ـ الذي ومن أجل التصدّي للتهديدات الخارجية ، بنى سورا من لبن كان يفتح على عدّة أبواب (١) وهي باب الرّبيع من الجنوب ، وباب تونس في اتجاه الشمال الذي يحدّ السّماط ، وباب سالم (٢) ، وباب نافع ، وباب أصرم. ولم يمنع كل هذا أبا حاتم الخارجي من دخول القيروان ، لذلك وجب عليه حرق الأبواب وفتح ثغرات في الحيطان ، أمّا ما بقي من هذه التحصينات ، فقد دكّه زيادة الله الأوّل في ٢٠٩ ه.
لا يمكن أن تختلف القيروان عن المدن ـ المعسكرات الأخرى التي شيّدها العرب في المشرق. وقد تأثرت في مظهرها على الأخصّ بالفسطاط والبصرة. فكان للمدينة شكل دائري يتوسطه المسجد الجامع ودار الإمارة يلاصق أحدهما الآخر. وانطلاقا من هذه النّواة الرئيسية ، أشعّت السكك والمساجد التي تقسّم مساكن القبائل ، وهي موزّعة بدورها إلى أحياء حضرية أو دروب : كدرب الفهريين ، ودرب بني هاشم ، ودرب يحصب ، ودرب المغيرة ، ودرب أزهر ، ودرب أمّ أيوب ... إلخ.
وتحمل هذه الدروب ـ كما يتراءى لنا ـ اسم إحدى العشائر أو اسم شخصية بارزة (٣). وتجتمع هذه الشوارع في الأماكن المسمّاة رحبة مثل رحبة القرشيين ورحبة الأنصار. ويوجد في كل مكان من أحياء المدينة ، وبشكل مبعثر الأسواق والمساجد. وفي هذا الصّدد تذكر لنا المصادر سوق بني هاشم ، وسوق الأحد ، وسوق اليهود ، ودار الإمارة ، وسوق
__________________
(١) البيان ، ج ١ ، ص ٧٢.
(٢) أبو العرب ، طبقات ، ص ٤٩.
(٣) إشارات متفرّقة في كتب الطبقات وفي البكري ، المسالك والممالك.