ومن عجائب اليمن أن أكثر زروعها أعقار فلذلك متّن عجينها ولان خبزها وهو أن تشرب الجربة في آخر تموز وأول آب ثم تحرث بأيلول إذا حمّت أي شربت ماءها وجفّ وجهها.
وتحرث في تشرين وجف وجهها ثم تحرث في تشرين كرّة أخرى ثم في تشرين الآخر كرة ثالثة ثم بذرت في كانون الأول فأقام فيها الزرع إلى أيار وصرب ولم يصبه (ماء) (١) وأما مأرب والجوف وبيحان فان الودن وهو الجربة والزهب بلغة أهل تهامة يمتلىء من السبيل فإذا امتلأ نف فيه الطهف أو الدخن فنضب الماء ثار بينه فلا تحم الجربة في شهر وأيام حتى يصرم وتحرث للزرع الذي ذكرناه ، وربما طرح في الودن مع بذر الذرة السمسم واللوبياء والعتر والقثاء والبطيخ والقرع فبلغ كل ذلك أول أول وهذا يكون في أقاصي الجوف مثل أعراض نجد ونجران والجوف ومأرب وبيحان وتهامة عن كملها.
ومن ذلك الذرة بنجران من قابل يام يكون في قصبة الذرة مطوان وثلاثة وأكثر.
ومن ذلك الأترج بنجران لأحماض فيه كبار أحلى من العسل تبلغ الواحدة ربع دينار وليس له نظير في بلد.
ومن ذلك سكر العشر لا يكون إلا بنجران وهو سكر ينزل من الهواء على ورق العشر في قولهم واخاله فيكون بقدرة الله تعالى من العشر وقد يوجد منه شيء في الموضع على غير العشر وهو ضرب من المنّ وهيئته مثل قطع اللبان والمصطكى وقد يحل ويعمل منه سكر كبار يطبع في قوالب ، وقد أهديت منه الى أخ لي بالعراق فأعجب به من رآه.
والمحط ويسمى القصاص وهو حالق للباسور ولا تصيب هذه العلة أحدا بخيوان لاستعمالهم إياه في القدور ويعقد بالعسل ويهدى ، وأهدي منه بعض سلاطين تهامة الى العراق وجرت كتب إليه أن احتفظ بحظائر هذه الشجرة فأعلمهم أنه نبات جبال وادعة وأرحب.
__________________
(١) كان في الأصل آفة والتصحيح من صفة جزيرة العرب مصدر هذا الحديث.