يحج بالناس دليلا على طريق السراة خمس عشرة سنة وشاع بين الناس أنه يملك اليمن وتنقلت به الأحوال في مبادىء أمره من خفض الى رفع ومن ضر الى نفع ؛ فمن ذلك ما حكاه عمارة في مفيده أنه كان على باب زبيد رجل من الحبشة يقال له فرح السحوقي وكان من أهل المعروف والصدقة من نزل المسجد أكرمه ، فمر ذات ليلة في المسجد برجل يقرأ القرآن فسأله عن العشاء فأنشد قول المتنبي :
من علم الأسود المخصي مكرمة |
|
أقومه السود أم أخواله الصيد |
فأخذه الحبشي وطلع به داره وأكرم مثواه وسأله عن سبب قدومه فقال له الصليحي : لي عم يقال له شهاب وله ابنة يقال لها أسماء قليلة النظير في الجمال والأدب والعقل فخطبتها منه فاشتط عليّ بمهرها ، فدفع له القائد فرح السحوقي مالا جزيلا أضعاف ما طلب منه وأعاده الى عمه فتزوج أسماء وهي أم ابنه المكرم زوج السيدة (بنت أحمد بن محمد الصليحي) (١).
وكانت أسماء من أكمل النساء وفيها يقول أسعد بن يحيى الهيثمي من قصيدة :
وسمت في السماح سنة جود |
|
لم تدع من معالم البخل رسما |
قلت إذ عظموا لبلقيس عرشا |
|
دست أسماء من عرش بلقيس أسمى |
إنتهى ما ذكره ابن مخرمة.
قلت : وقد ترجم الزركلي في الأعلام للسيدة أروى (٢) بنت أحمد بن محمد الصليحي زوجة الملك المكرم وذكر اختلافا في اسمها فقيل أروى وقيل أسماء ظنا منه أن البيتين المذكورة آنفا في مدح السيدة وإنما هي في مدح
__________________
(١) زيادة من عند المعلق للإيضاح.
(٢) وقع بعض المتأخرين في الخطأ حينما سموها أروى واسمها الصحيح سيدة والألف واللام في السيدة للتحلية مثل الحسن والحسين والقاسم والمطهر والمحسن وتوجد من بيت الصليحي امرأة اسمها أروى وهي أروى بنت شمس المعالي علي بن عبد الله الصليحي تزوج بها المنصور بن المفضل بن أبي البركات فالتبس على المؤرخين المتأخرين فسموا الملكة اروى.