سميت هذه الأرض
بهذا الاسم لأنها كانت منازل ولد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، ومن قحطان الى
نوح إختلاف نذكره في كتاب النسب من جمعنا إن شاء الله تعالى ، وكان اسم سبأ عامرا
وانما سمي سبأ لأنه أول من سبى السبي ، وكان يقال له من حسنه عبء الشمس مثل عبّ
الشمس بالتشديد قاله ابن الكلبي ، وقال أبو عمرو بن العلاء عبّ الشمس أصله حبّ
الشمس وهو ضوؤها والعين مبدلة من الحاء كما قالوا في عب قر وهو البرد ، وقال ابن
الأعرابي هو عبء الشمس بالهمز والعبء العدل أي هو عولها ونظيرها ، وعلى قول ابن
الكلبي فلا أدري لم همز بعد لأنه من سبى يسبى سبيا والظاهر أن أصله من سبأت الخمر
أسبؤها سباء إذا اشتريتها ويقال سبأته النار سباء إذا أحرقته وسمي السّفر البعيد
سباءة لأن الشمس تحرق فاعله وكأن هذا الموضع سمي سبأ لحرارته وأكثر القرّاء على
صرفه وأبو عمرو بن العلاء لم يصرفه.
والعرب تقول «تفرقوا
كأيدي سبا وأيادي سبا» نصبا على الحال ، ولما كان سيل العرم فرّق أهل هذه الأرض في
البلاد وسار كل طائفة منهم الى جهة فضرب العرب بهم المثل فقيل (ذهب القوم أيدي سبا
وأيادي سبا) أي متفرقين شبهوا بأهل سبأ لما مزقهم الله كلّ ممزق فأخذت كل طائفة
منهم طريقا ، واليد الطريق يقال أخذ القوم يد بحر فقيل للقوم إذا ذهبوا في طرق
متفرقة «ذهبوا أيدي سبأ» أي فرقتهم طرقهم التي سلكوها كما تفرق أهل سبأ في جهات
متفرقة والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأنه كثر في كلامهم فاستثقلوا ضغطة الهمز
وإن كان سبا في الأصل مهموزا ، ويقال سبا رجل ولد عشرة بنين فسميت القرية باسم
أبيهم والله أعلم. وإلى هنا قول أبي منصور وطول سبأ ٦٤ درجة وعرضها ١٧ درجة وهي في
الاقليم الأول. انتهى كلام ياقوت.
روي أن رجلا من
سبأ وفد على معاوية فسأله : ممن الرجل؟ فقال من سبأ ، قال ما رأيت أسفه من قومك
قالوا «ربنا باعد بين أسفارنا» فقال الرجل أسفه منهم قومك قالوا : «اللهمّ إن كان
هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء».