وأشرف مساجد صنعاء وأقدمها هو الجامع الكبير المقدس ، أول من أسّسه وبر بن يحنّس الأنصاري الصحابي في زمن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم سنة ست هجرية كما حكاه الرازي في تاريخ صنعاء وهو أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد الرازي ترجمه الأهدل في تاريخه ، وقد زاد فيه أيوب بن يحيى الثقفي في زمن الوليد بن عبد الملك الأموي وكان عامله على اليمن ، وأخربه السيل في سنة ٢٦٥ فجدد عمارته الأمير أسعد بن أبي يعفر الحوالي على ما هو عليه اليوم ما عدا الجناح الشرقي فمن عمارة السيدة أروى بنت أحمد بن محمد الصليحي في سنة ٥٢٥ (١).
ومن محاسن إمام العصر يحيى بن الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين عمارة المكتبة الى ظهر المنارة الشرقية ونقل نفائس كتبه إليها وضم اليها ما وجد من الكتب الموقوفة القديمة ، ومن أنفس ما فيها المصحف الشريف العثماني أحد المصاحف السبعة التي جمعها الصحابة في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضياللهعنه ، وقد جمع ما حوته الخزانة فهرست خاص وهو الآن يطبع (٢).
وهذه المكتبة لا تزال مفتوحة كل يوم لطلبة العلم ومن أراد المطالعة
__________________
(١) الصحيح أن الجناح الشرقي من عمارة أسعد بن أبي يعفر ودليلنا على ذلك ما قاله مؤرخون ثلاثة هم عبد الرحمن بن محمد الحبيشي المتوفي سنة ٧٨٢ في كتابه الاعتبار في التواريخ والاختبار حيث قال : وبلغ ما أنفق بنو يعفر في عمارة الجامع خمسة وعشرين ألف خزانة في كل خزانة أربع عشر ألف مثقال يعفري وجملة ذلك ثلثمائة ألف وخمسون ألف دينار والدينار اليعفري يومئذ ثلاثة دنانير ملكية ، وكذلك ما قاله المؤرخ عبد الرحمن الديبع من أعلام المائة العاشرة فقال : ولما رجع ـ أي محمد بن يعفر ـ من الحج بني جامع صنعاء على الحال التي هو عليه الآن» أي في وقت الديبع وما قاله ابن أبي الرحال وهو من أعلام المائة الحادية عشرة في كتابه مطلع البدور في ترجمة إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأكوع فقال : ونسب هذا العلامة يلتقي بنسب أسعد بن أبي يعفر الذي عمر مجنب (جناح) جامع صنعاء الشرقي في سنة نيف وستين وماتين في كريب ابن الوضاح ، وهناك دليل آخر فلو كان للسيدة بنت أحمد لذكر ذلك مؤرخو الدولة الصليحية مع أنهم لم يغفلوا شيئا من محاسنها كما أن طراز المجنب الشرقي (الجناح الشرقي) مشابه تماما لجامع شبام الذي هو بالاجماع من بناء سعد بن أبي يعفر ومخالفا تماما لجامع ذي جبلة الذي هو بالاجماع من بناء السيدة بنت أحمد.
(٢) طبع في صنعاء ولكنه جمع فيه بين الكتب الخطية والمطبوعة وهو من عمل وتأليف القاضي محمد بن أحمد الحجري مؤلف هذا الكتاب.