قرآنك : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) (١). وقلت أيضا : ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ) (٢). وقلت وقولك الحق : ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ) (٣).
فعجبا لهؤلاء القوم! فمرة لا يمتثلون لامره ومرة يتهمونه بالهجر ويكثرون اللغط بحضرته في غير احترام ولا أدب ، وأخرى يطعنون في تأميره زيد بن حارثة ومن بعده في تأمير ابنه أسامة بن زيد فكيف يبقى بعد كل هذا شك عند الباحثين من أن الشيعة على حق عندما يحيطون مواقف بعض الصحابة بعلامات الاستفهام ويمتعضون منها احتراما وحبا ومودة لصاحب الرسالة وأهل بيته.
على أني لم أذكر من المخالفات غير أربع أو خمس وذلك للاختصار ولتكون أمثلة فقط ، ولكن علماء الشيعة قد أحصوا مئات الموارد التي خالف فيها الصحابة النصوص الصريحة ولم يستدلوا إلا بما أخرجه علماء السنة في صحاحهم ومسانيدهم.
وإني عندما أستعرض بعض المواقف التي وقفها بعض الصحابة من رسول الله أبقى حائرا مدهوشا ، لا من تصرفات هؤلاء الصحابة فحسب ولكن من موقف علماء السنة والجماعة الذين يصورون لنا الصحابة دوما على حق لا يمكن التعرض لهم بأي نقد ، وبذلك يمنعون الباحث من الوصول إلى الحقيقة ويبقى يتخبط في التناقضات الفكرية.
وزيادة على ما سبق أسوق بعض الامثلة التي تعطينا صورة حقيقية على هؤلاء الصحابة ونفهم بذلك موقف الشيعة منهم :
أخرج البخاري في صحيحه ج ٤ ص ٤٧ في باب الصبر على الاذى وقول الله تعالى ( إنما يوفى الصابرون أجرهم ) من كتاب الادب ، قال : حدثنا الاعمش قال سمعت شقيقا
__________________
( ١ ) سورة النحل : آية ٤٤.
( ٢ ) سورة النساء : آية ١٠٥.
( ٣ ) سورة البقرة : آية ١٥١.