ثاني الدليلين أن الهمداني لم يضع لصفة جزيرة العرب خطبة وديباجة كما هي العادة السائدة عند المؤلفين مما يدل أنه قد كتبها في الجزء الأول وهو المسالك والممالك بل بدأ في صفة جزيرة العرب بقوله بعد البسملة :
معرفة أفضل البلاد المعمورة
ويؤيد ما ذهبنا إليه في الدليل الثاني أن الجزء الأول من الإكليل قدم له الهمداني خطبة وديباجة وأما الجزء الثاني من الإكليل فإنما بدأه بعد البسملة بقوله : قال أهل السجل ، وفي الجزء الثامن بعد البسملة : باب ما جاء من قصور اليمن ومحافدها. الخ وفي الجزء العاشر بعد البسملة. قال أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني أولد كهلان الخ. وعلى ضوء هذين الدليلين رجحت أن كتاب صفة جزيرة العرب هو الكتاب الثاني لكتاب المسالك والممالك ولعل الله يجود لنا بالعثور على كتاب المسالك والممالك فيكشف الغمّاء التي خامرتنا وما ذاك على الله بعزيز.
هذا وبما أن رائدي التحري والدقة والأمانة التامة فقد أعدت النظر مرات على صفة جزيرة العرب فوجدت هفوات مطبعية أصلحناها كما عثرنا على زوائد وإضافات مهمة ألحقناها في هذه الطبعة.
وعليه فهذه الطبعة الرابعة أوفى وأكمل مما سبقها من الطبعات على أن الكتاب كما قال الحافظ عبد الرزاق بن همام الصنعاني الحميري المتوفى سنة ٢١١ ه عن شيخه الحافظ معمر بن راشد البصري الصنعاني الوفاة سنة ١٥٣ ه :
إن الكتاب ولو روجع مائة مرّة فلا يؤمن الغلط والخطأ أو معنى هذا ، وسمعنا عن أشياخنا أن الكتاب كالمكلّف غير مرفوع عنه القلم.
سدد الله خطانا ووفقنا لكل عمل صالح يبتغى به وجه الله عزوجل وسبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم.
وحرر بتاريخه يوم الجمعة لثمان وعشرين مضت من شهر محرم الحرام سنة ١٤٠٩ ه تسع وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها الصلاة والتسليم الموافق ٩ تسع شهر سبتمبر سنة ١٩٨٨ م.
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي