اسم «الطور» (١) فهو يخضع للأكراد أيضا وتلك المنطقة جبلية وعرة المسالك ويعيش فيها عدد كبير من النصارى الكلدان واليعاقبة والنساطرة ويتكلمون إلى اليوم اللغة الكلدانية العامية ، ويستخدمهم الأمير الكردي أحيانا كجنود مقاتلين في صفوف جيشه.
هذا كل ما استطعت جمعه من أخبار عن الأكراد.
ولنعد الآن إلى رحلتنا. ففي اليوم الثامن من كانون الثاني بارحنا «قزلرباط» قبل طلوع الشمس بعد ان دفعنا ضريبة زهيدة. وما إن تركنا تلك المنطقة حتى دخلنا في بقعة خضراء كانت مأهولة بالأتراك سابقا لكن الفرس استولوا عليها في الحروب الأخيرة ودمروها فهرب السكان كلهم على الإطلاق وقد كانت هذه المنطقة بشهادة كثيرين أقوى حامية على الحدود.
في ذلك اليوم نفسه مررنا بنهر عريض وقد عبرناه راجلين ولكن بصعوبة بالغة قالوا انه نهر ديالى الذي سبق لنا عبوره بالقارب لكنه في ذلك الموقع وهو قرب منبعه لم يكن غزير المياه.
رأينا عند عدوة النهر بقايا بناء متهدم يسمى «جاي قوناغي» (٢) التي يمكن أن أفسرها باستراحة عند النهر أو وقفة النهر.
في الليلة التالية مررنا بأرض لم أعرف اسمها. وفي اليوم التالي مررنا بموقع متهدم يسمى «قصر شيرين» والكلمة الأخيرة تعني بالفارسية «الحلوة» وتطلق على الرجال والنساء. لكن اسم هذا الموقع يدل في الأكثر على سيدة مهمة ، وفي هذه الحالة يشير إلى صاحبة القصر وهي زوجة خسرو أحد أكاسرة الفرس كان يربطهما حب عارم كما خلدته ملحمة فارسية مشهورة جدا (٣).
__________________
(١) يريد طور عابدين المنطقة الجبلية التي تقع في الشمال الشرقي من ماردين. ذكرها ياقوت في معجم البلدان ٣ : ٥٥٩ ، وغيره من الجغرافيين العرب.
(٢) القوناق : كلمة تركية تعني محط الرحال حيث يستريح المسافرون أو الرحّالة بعد قطع مسافة معينة.
(٣) الملحمة للشاعر نظامي (١١٤٠ ـ ١٢٠٢ م) وموضوعها حب خسرو لشرين.