عودتي عن طريق بغداد ومروري بالأراضي التركية خطر عليّ وعلى أسرتي لأني معروف هناك. أما الذهاب إلى الهند عن طريق مضيق هرمز فهو أسهل الطرق لكن الحرب سدت بوجهي تلك السبل. بإمكاني أيضا الانتقال من أصفهان إلى البصرة فهذه المدينة وان كانت خاضعة للأتراك فخضوعها بالاسم فقط ، أما في الواقع فلا ، لأن حاكمها الحالي هو سيد مطلق واعترافه بالسلطان ظاهري فحسب وهو صديق البرتغاليين (١) فلا خطر عليّ إن ذهبت إلى هناك.
تقع هذه المدينة بالقرب من البحر على الخليج وهي غير بعيدة عن الحدود الفارسية لكن لا بد من السفر بالبحر قليلا إذا ما أردت التوجه إليها دون المرور بأرض الحويزة العربية ومن هناك نبحر إلى الهند عن طريق هرمز.
عندما قررنا الرحيل اصطحبنا صبية اسمها «ماريوجا» (٢) ورافقنا شيخ جليل اسمه «بابا ملكي» وأصر السيد عبد الله على مرافقتنا إلى هرمز.
الرسالة السادسة عشرة
حدائق شيراز في ٢٧ تموز ١٦٢٢
(... كم كان فرحنا عظيما عندما تأكدنا من قرب تحقق الأمنية الغالية فقد أسرّت لي معاني بأنها تحمل في أحشائها ثمرة حبنا بعد سنوات من الانتظار ...
وفاة زوجة السائح
... ولكن في مينا أصيبت معاني بحمى قوية عالية ، على أثرها أجهضت طفلها وبقيت حرارتها في صعود ، حتى أنهكت قواها ، ولم تنجدها العقاقير المحلية المتوفرة نفعا ، فأسلمت روحها إلى بارئها في ٣٠ كانون الأول
__________________
(١) هو علي بن أفراسياب الديري وسيأتي الكلام عنه فيما بعد.
(٢) ذكرنا اسم هذه الفتاة لأنها ستصبح زوجة الرحالة بعد سنوات على إثر وفاة معاني البغدادية كما سيكتب في رسالة تالية.