الفطري. ولا شك أن أبرز ما في هذه المقارنة ينشأ عن روحية الاستقلال الجموحة التي تولد نفس التأثير في الهنود الحمر الذين يقطنون أمريكا الشمالية.
وقد تحدثنا حديثا وديّا للغاية ما بيننا لوقت ما ، وسألناهم عن المعاملة التي قد يعاملوننا بها إذا ما شاءت الصدفة أن يعثروا علينا في طريقهم ، وهل يعمدون إلى سلبنا أم لا. فأظهروا أنهم قد صدموا لمجرد الفكرة نفسها ، وصرحوا وهم يضعون أيديهم على رؤوسهم وأعينهم بأننا أعزاء عليهم بقدر أهمية هذه الأعضاء للإنسان.
ومع أن الجو كان باردا ، ولا سيما في الليل ، فقد كان هؤلاء الرجال مخيمين كلهم على الأرض الجرداء من دون غطاء سوى العباءة التي كانوا يرتدونها. ولم تكن هناك أية خيمة سوى خيمة الشيخ ، وهذه كانت صغيرة جدّا. ولذلك كان كل منهم ينام ، أينما اتفق ، فيبدون وكأنهم حزم من الخرق القذرة سوّدت وجه الأرض. وقد كان معظمهم مسلحا بسيوف من نوع السيوف العربية الحدباء والخناجر المعقوفة المعلقة من المحزم. وكان عند بعضهم صوالج حديد ثقيلة ، كما كانت عند الكثيرين منهم حراب يبلغ طولها خمسة أو ستة أقدام للرمي. وهناك الجريد ، أو الحراب الأصغر منه ، المصنوع من الحديد والمعلق بالكثير من السروج بمقدار يصل أحيانا إلى ستة في كل جانب ، وهذا يرمونه عند الحاجة بخفة وقوة عظيمة. وقد كان بعضهم يحمل مطارق صغيرة ، كما كان لقليل منهم أعواد يبلغ طول الواحدة منها ياردة واحدة ، وتجهز بكلاليب من الحديد ، يستطيعون أن يلتقطوا بواسطتها أي شيء يقع على الأرض أو أن ينتزعوا رجلا من سرجه حينما يغيرون بسرعة تامة. وقد كان هناك أيضا عدد قليل من البنادق البالية. لكن سلاحهم الأعظم على كل حال هو الرمح الذي قلت من قبل إنه كانت توجد غابة كثيفة منه تغطي الأرض ، والذي لا يشعر أي أعرابي أنه رجل كامل بدونه. إذ كان كل منهم يغرز رمحه بالقرب من جواده بوجه عام.
أما خيولهم فقد خيبت أملي كثيرا ، فإنني لم أر إلّا في النادر جوادا ذا